للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَيْئَةٌ نَفْسَانِيَّةٌ، وَمَلَكَةٌ قَوِيَّةٌ يَعْرِفُونَ بِهَا مَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَلْفَاظِ النُّبُوَّةِ، وَمَا لاَ يَجُوزُ» (١).

قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: «وَشَاهِدُ هَذَا أَنَّ إِنْسَانًا لَوْ خَدَمَ إِنْسَانًا سِنِينَ، وَعَرَفَ مَا يُحِبُّ، وَمَا يَكْرَهُ، فَادَّعَى إِنْسَانٌ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ شَيْئًا، يَعْلَمُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُحِبُّهُ، فَبِمُجَرَّدِ سَمَاعِهِ يُبَادِرُ إِلَى تَكْذِيبِهِ» (٢).

٢ - فساد المعنى: بأن يكون الحديث مخالفاً لبدهيات العقول من غير أن يمكن تأويله مثل: «إِنَّ سَفِينَةَ نُوحٍ طَافَتْ بِالبَيْتِ سَبْعًا وَصَلَّتْ عِنْدَ المَقَامِ رَكْعَتَيْنِ» أو أن يكون مخالفاً للقواعد العامة في الحكم والأخلاق مثل «جَوْرُ التُّرْكِ وَلاَ عَدْلَ العَرَبِ» أو داعياً إلى الشهوة والمفسدة مثل «النَّظَرُ إِلَى الوَجْهِ الحَسَنِ يُجْلِي البَصَرَ»، أو مخالفاً لِلْحِسِّ والمشاهدة مثل «لا يُولَدُ بَعْدَ الْمِائَةِ مَوْلُودٌ لِلَّهِ فِيهِ حَاجَةٌ» أو مخالفاً لقواعد الطب المتفق عليها مثل «البَاذِنْجَانُ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ» أو مخالفاً لما يوجبه العقل لله من تنزيه وكمال، نحو «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الفَرَسَ فَأَجْرَاهَا فَعَرِقَتْ، فَخَلَقَ نَفَسَهُ مِنْهَا» أو يكون مخالفاً لقطعيات التاريخ أو سُنَّةِ الله في الكون والإنسان، مثل حديث: عوج بن عنق وأن طوله ثلاثة آلاف ذراع. وأن نوحاً لما خوفه الغرق، قال: احملني في قصعتك هذه، يعني (السفينة) وأن الطوفان لم يصل إلى كعبه وأنه كان يدخل يده في البحر فيلتقط السمكة من قاعه ويشويها قرب الشمس. ومن ذلك حديث رتن الهندي وأنه عاش ستمائة سَنَةً وأدرك النَّبِيّ- صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

أو يكون مشتملاً على سخافات وسماجات يصان عنها العقلاء مثل «الدِّيكُ الأَبْيَضُ حَبِيبِي وَحَبِيبُ حَبِيبِي جِبْرِيلُ» ومثل «اتَّخِذُوا الحَمَامَ المَقَاصِيصَ فَإِنَّهَا تُلْهِي الجِنَّةَ عَنْ صِبْيَانِكُمْ» وهكذا كل ما يَرُدُّهُ العقل بداهة فهو باطل مردود.

قال ابن الجوزي: «مَا أَحْسَنَ قَوْلَ القَائِلِ: كُلُّ حَدِيثٍ رَأَيْتَهُ تُخَالِفُهُ العُقُولُ وَتُنَاقِضُهُ الأُُصُولُ وَتُبَايِنُهُ النُقُولُ فَاعْلَمْ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ».

وقال الرازي في " المحصول ": «كُلُّ خَبَرٍ أَوْهَمَ بَاطِلاً، وَلَمْ يَقْبَلِ التَّأْوِيلَ، فَمَكْذُوبٌ، أَوْ نَقَصَ مِنْهُ مَا يُزِيلُ الوَهْمَ».

٣ - مخالفته لصريح القرآن: بحيث لا يقبل التأويل، مثل «وَلَدُ الزِّنَا


[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(١) [انظر: " فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي " للسخاوي، تحقيق علي حسين علي: ١/ ٣٣٢، الطبعة الأولى: ١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م، نشر مكتبة السُنَّةِ مصر].
(٢) [انظر: " تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي " للإمام السيوطي، تحقيق الشيخ عبد الوهاب عبد اللطيف: ١/ ٢٧٦، الطبعة الثانية: ١٣٩٩ هـ - ١٩٧٩ م، نشر دار إحياء السُنَّةِ النبوية].

<<  <   >  >>