للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ إِلَى سَبْعَةِ أَبْنَاءَ» فإنه مخالف لقوله تعالى: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (١) بل هذا الحديث الموضوع مأخوذ من التوراة، فإنه من أحكامها. ومثل ذلك أن يكون مخالفاً لصريح السُنَّةِ المُتَوَاتِرَةِ: مِثْلَ «إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُوَافِقُ الحَقَّ فَخُذُوا بِهِ حَدَّثْتُ بِهِ أَوْ لَمْ أَحَدِّثْ» فإنه مخالف للحديث المتواتر «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» أو يكون مخالفاً للقواعد العامة المأخوذة من القرآن وَالسُنَّةِ، مثل في «مَنْ وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ فَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا كَانَ هُوَ وَمَوْلُودُهُ فِي الجَنَّةِ» ومثل في «آلَيْتُ عَلَى نَفْسِي أَلاَّ أُدْخِلَ النَّارَ مَنْ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ أَوْ أَحْمَدٌ» فإن هذا مخالف للمعلوم المقطوع به من أحكام القرآن وَالسُنَّةُِ من أن النجاة بالأعمال الصالحة لا بالأسماء والألقاب. أو أن يكون مخالفاً للإجماع، مثل في «مَنْ قَضَى صَلَوَاتٍ مِنِ الفَرَائِضِ فِي آخِرِ جُمُعَةٍ مِنْ رَمَضَانَ كَانَ ذَلِكَ جَابِرًا لِكُلِّ صَلاَةٍ فَاتَتْهُ مِنْ عُمْرِهِ إِلَى سَبْعِينَ سَنَةً». فإن هذا مخالف لما أجمع عليه من أن الفائتة لا يقوم مقامها شيء من العبادات.

٤ - مخالفته لحقائق التاريخ المعروفة في عصر النَّبِيّ- صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

مثل حديث «أن النَّبِيَّ وَضَعَ الجِزْيَةِ عَلَىَ أَهْلِ خَيْبَرَ وَرَفَعَ عَنْهُمْ الْكُلْفَةَ (٢) وَالْسُّخْرَةَ بِشَهَادَةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَكِتَابَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ»، مع أن الثابت في التاريخ أن الجزية لم تكن معروفة ولا مشروعة في عام خيبر، وإنما نزلت آية الجزية بعد عام تبوك، وأن سعد بن معاذ تُوُفِّيَ قبل ذلك في غزوة الخندق، وأن معاوية إنما أسلم زَمَنَ الفتح. فحقائق التاريخ ترد هذا الحديث وتحكم عليه بالوضع. ومن أمثلة ذلك حديث أنس في «دَخَلْتُ الحَمَّامَ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ جَالِسًا وَعَلَيْهِ مِئْزَرٌ، فَهَمَمْتُ أَنْ أُكَلِّمَهُ فَقَالَ: " يَا أَنَسُ إِنَّمَا حَرَّمْتُ دُخُولَ الحَمَّامَ بِغَيْرِ مِئْزَرٍ مِنْ أَجْلِ هَذَا "» مع أن الثابت تاريخياً أن الرسول لم يدخل حمَّاماً قَطُّ، إذ لم تكن الحَمَّامَاتُ موجودة في الحجاز في عصره.


(١) [سورة الأنعام، الآية: ١٦٤].
(٢) هي المشقة والشدة تقول: كلفه أي: أمره بما يشق عليه.

<<  <   >  >>