الناس بآثار الماضي، ويؤجج نيران التفرقة من جديد، وكتاب «أبي رية» هو من هذه الكتب التي إن رضي الشِيعَة عما جاء فيه بحق الصحابي الجليل أبي هريرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، فإنه - بلا شك - سبب لفتح أبواب العداوة من جديد، أو على الأقل سبب للأخذ والرد وتذكر موقف الشِيعَة من صحابة رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
فإذا كنا نأخذ عليه اعتماده على مصادر الشِيعَة في كتابه المذكور، وإذا كنا نتحدث عن موقف الشِيعَة من الحديث فإنما نبحث ذلك.
أَوَلاًً: في حدود النطاق العلمي التاريخي، وحقائق التاريخ لا مجاملة في الحديث عنها حين يكون المجال مجال علم ودراسة وتحقيق.
وثَانِياً: لتصحيح الأخطاء التاريخية التي استمدها من كتب الشِيعَة.
ولقد كنت كتبت بَحْثَ موقف الشِيعَةِ مِنَ السُنَّةِ في هذا الكتاب - وهو أطروحة علمية تقدم إلى علماء في معهد علمي لنيل شهادة علمية - ومع ذلك فلقد كنت أُرْجِئ نشر هذا الكتاب - المقدم للطبع الآن - لأسباب عديدة:
منها أنني أريد أن أقدم لبحثي ذاك بتمهيد أوضح فيه رأيي بضرورة التقارب بين السُنَّةِ وَالشِيعَةِ في هذا العصر الذي نعيش فيه، وأنني لم أقصد ببحثي الإساءة إلى شعور الشِيعَةِ أو استثارة عداوتهم، لا لشيء إلا لأني كنت وما أزال من دُعَاةِ التقارب الصحيح وتصفية آثار الماضي.
ولما أخذت إحدى المجلات العلمية مني النسخة الوحيدة التي عندي من كتابي هذا رغبة في نشر بعض أبحاثه، لَفَتَ نظر المسؤول عنها إلى أن فيه بعض الأبحاث التي أريد التمهيد لها ببعض الإيضاح، ولكنني فوجئت وأنا في بيروت للاستشفاء أن هذه المجلة نشرت البحث المتعلق بموقف الشِيعَةش وَالسُنَّةِ، وأن ذلك ترك أثراً غير مستحب في الأوساط الشِيعِيَّةِ، وَعَلَّقَتْ عليه بعض مجلاتهم، أخبرني بذلك الشاعر الكبير الأستاذ «أحمد الصافي النجفي» الذي أقدر فضله وأدبه، فأوضحت له موقفي من هذا الموضوع وأنه نشر بغير علمي.