فلما تم لي ذلك ازددت إيمانا بما كتبته عنهم واقتناعاً بخطرهم على تراثنا الإسلامي كله سواء كان تشريعياً أم حضارياً. لما يملأ نفوسهم من عصبية تأكل قلوبهم حقداً ضد الإسلام والعرب والمُسْلِمِينَ.
كان أول من اجتمعت بهم هو البروفسور «أَنْدِرْسُونْ» رئيس قسم قوانين الأحوال الشخصية المعمول بها في العالم الإسلامي - في معهد الدراسات الشرقية في جامعة لندن - وهو متخرج من كلية اللاهوت في جامعة كمبردج، وكان من أركان حرب الجيش البريطاني في مصر خلال الحرب العالمية الثانية - كما حدثني هو بذلك عن نفسه - تعلم اللغة العربية من دروس اللغة العربية التي كان يلقيها بعض علماء الأزهر في الجامعة الأمريكية في القاهرة ساعة كل أسبوع لِمُدَّةِ سَنَةٍ واحدة. كما تَعَلَّمَ العَامِيَّةَ المِصْرِيَّةَ من اختلاطه بالشعب المصري حين توليه عمله العسكري الآنف الذكر. وَتَخَصَّصَ في دراسة الإسلام من المحاضرات العامة التي كان يلقيها المرحوم «أحمد أمين» والدكتور «طه حسين» والمرحوم الشيخ «أحمد إبراهيم» .... وبهذه الدراسات العميقة! في اللغة والإسلام استحق لقب «بروفسور» وانتقل من الخدمة العسكرية بعد الحرب إلى رئاسة قسم قوانين الأحوال الشخصية في جامعة «لندن» كما ذكرنا.
لا أريد أن أذكر أمثلة عن تعصبه ضد الإسلام - وقد حدثني كثيراً عن ذلك المرحوم الدكتور «حمود غرابة» مدير المركز الثقافي الإسلامي في لندن - حينذاك - ولكني أكتفي بأن أذكر ما حدثني به البروفسور «أَنْدِرْسُونْ» نفسه من أنه أسقط أحد المتخرجين من الأزهر الذين أرادوا نوال شهادة الدكتوراه في التشريع الإسلامي من جامعة لندن لسبب واحد هو أنه قدم أطروحته عن حقوق المرأة في الإسلام وقد برهن فيها على أن الإسلام أعطى المرأة حقوقها الكاملة، فعجبت من ذلك وسألت هذا المستشرق:«وَكَيْفَ أَسْقَطْتَهُ وَمَنَعْتَهُ مِنْ نَوَالِ الدُّكْتُورَاهْ لِهَذَا السَّبَبِ، وَأَنْتُمْ تَدَّعُوْنَ حُرِيَّةِ الفِكْرِ فِي جَامِعَاتِكُمْ؟» قَالَ: «لأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " الإِسْلاَمِ يُمْنَحُ المَرْأَةَ كَذَا، وَالإِسْلاَمُ قَرَّرَ لِلْمَرْأَةِ كَذَا "، فَهَلْ هُوَ نَاطِقٌ رَسْمِيٌّ بِاسْمِ الإِسْلاَمِ؟ هَلْ هُوَ أَبُو حَنِيفَةَ أَوْ