هذه الأحاديث صحيحة في نفس الأمر إذا كانت أحاديث آحاد - وإن كان هذا الاحتمال في منتهى الضُعف والبُعد - وقالوا باحتمال وَهْمِ الراوي وَنِسْيَانِه - وإن كنا لم نطلع عليه - ولهذه الاحتمالات قال الجمهور: إن أحاديث الآحاد تفيد الظن مع وجوب العمل بها، وهذا لعمري غاية الاحتياط في دين الله - عَزَّ وَجَلَّ - وغاية الاحتياط في إثبات الحقائق العلمية.
كل هذا الاحتياط وهذه الشدة في النقد لم تعجب مؤلف " فجر الإسلام " لأنها لم تعجب أساتيذه المُسْتَشْرِقِينَ فانتقدها بما ذكرناه في صدد هذا البحث، وزعم أنه كان عليهم أن يُحَقِّقُوا حين النقد في المسائل الآتية:
١ - هل يتفق ما نسب إلى النَّبِيّمع الظروف التي قيلت فيه؟
٢ - وهل الحوادث التاريخيه تؤيده؟
٣ - وهل هذا الحديث نوع من التعبير الفلسفي يخالف المألوف في تعبير النَّبِيّ؟
٤ - هل الحديت أشبه في شروطه وقيوده بمتن الفقه؟ وزاد في " ضُحى الإسلام ": (٢/ ١٣٠ - ١٣١) النواحي الآتية:
٥ - هل ينطبق الحديث على الواقع أم لا؟
٦ - هل هنالك باعث سياسي للوضع؟
٧ - هل يتمشى الحديث مع البيئة التي حكي فيها أم لا؟
٨ - هل هنالك باعث نفسي يحمل الراوي على الوضع أم لا؟
هذه هي القواعد الجديدة التي وضعها مؤلف " فجر الإسلام " و" ضُحَاهُ " لنقد المتن وزعم أنها فاتت علماءنا، ولو تنبهوا لها لانْكَشَفَ لهم حال أحاديث كثيرة حكموا بصحتها، وهي في الواقع - على زعمه - موضوعة.
ومَثَّلَ لِذَلِكَ في " فجر الإسلام " بحديثين في " البخاري " ومَثَّلَ في " ضُحَى الإِسْلاَمِ " بحديث رواه الترمذي عن أبي هريرة: «الْكَمْأَةُ مِنْ الْمَنِّ