للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ وَالْعَجْوَةُ مِنْ الْجَنَّةِ وَهِيَ شِفَاءٌ مِنْ السُّمِّ» وقال: إنهم لم يتجهوا في نقد الحديث إلى امتحان الكمأة رغم زعم أبي هريرة، أنه جَرَّبَهَا فأدت إلى الشفاء.

ولكن المؤلف اعترف أخيراً بأنه قد رويت لهم أشياء من النقد النفسي، مثل نقد ابن عمر لأبي هريرة في زيادة «أَوْ كَلْبَ زَرْعٍ» في الحديث «بِِأَنَّ لأَبِي هُرَيْرَةَ زَرْعًا».

تعال بنا، ننظر زعمه من مقاييس جديدة، ولننظر في أمثلتها التي اختارها لنرى إلى أي مدى كان المؤلف مُوَفَّقاً؟

١ - أما أنهم لم يحققوا فيما نسب إلى النَّبِيّ، هل يتفق والظروف التي قيلت فيه أم لا؟. فقد رأيت عدم صحة هذا الزعم، بل إنهم جعلوا ذلك من أسس نقد المتن، وَمَثَّلْنَا ذلك فيما مضى بحديث الحَمَّامِ، حيث رَدَّهُ العلماء بأن النَّبِيّلم يدخل حَمَّاماً قط، وأن الحجاز في عصر النَّبِيّلم تكن تعرف الحَمَّامَات.

٢ - وأما أن الحوادث التاريخية تُؤَيِّدُهُ أَوْ تُكَذِّبُهُ، فقد رأيت أنهم عَدُّوا ذلك من علائم الوضع أيضاًً، وَمَثَّلُوا لَهُ في رَدِّهِمْ لحديث وضع الجزية على أهل خيبر، فقد رده العلماء بأن الحوادث التاريخية ترده، ورأيت كيف استعملوا التاريخ لكشف كذب الرُوَاةِ في لُقْيَاهُمْ الشيوخ.

٣ - وأما كون الحديث نوعًا من التعبير الفلسفي يخالف المألوف من كلام النَّبِيّ، فإن ذلك داخل تحت بحث «ركاكة اللفظ» وضابطه أن تقطع بأن النَّبِيّلا يقول مثل هذا الكلام، ونقلنا لك قَوْلُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: «وَكَثِيرًا مَا يَحْكُمُونَ بِذَلِكَ - أَيْ بِالْوَضْعِ - بِاعْتِبَارِ أُمُورٍ تَرْجِعُ إِلَى الْمَرْوِيِّ [وَأَلْفَاظِ الْحَدِيثِ، وَحَاصِلُهُ يَرْجِعُ إِلَى أَنَّهُ حَصَلَتْ لَهُمْ - لِكَثْرَةِ مُحَاوَلَةِ أَلْفَاظِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَيْئَةٌ نَفْسَانِيَّةٌ، وَمَلَكَةٌ قَوِيَّةٌ] يَعْرِفُونَ بِهَا مَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَلْفَاظِ النُّبُوَّةِ، وَمَا لاَ يَجُوزُ» وحيث كانوا كذلك فمن السهل عليهم أن يَرُدُّوا حَدِيثًا فلسفياً لم يكن مألوفاً من النَّبِيّأن يقول مثله، ونحن نتحدى المؤلف أن ينقل لنا حَدِيثًا واحداً صَحَّحَهُ أَئِمَّتُنَا، وكان من هذا النوع.

<<  <   >  >>