للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما قول الزبير: «وَمِنْهَا مَا وَضَعَهُ عَلَى غَيْرِ مَوَاضِعِهِ»، أي يفهمه على غيرما ينبغي فهمه من وُجُوبٍ أَوْ إِبَاحَةٍ أَوْ نَدْبٍ، ولا حرج على أبي هريرة في هذا .. ولا مدخل منه للطعن في صدقه وأمانته لن يفهم الكلام العربي ...

٥ - ونقل أَبُو رَيَّةَ أن ابن مسعود أنكر عليه قوله: «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ، وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» وَقَالَ فِيهِ قَوْلاً شَدِيدًا ثُمَّ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ لاَ تَنْجَسُوا مِنْ مَوْتَاكُمْ» .. ونقل ذلك عن ابن عبد البر في " جامع بيان العلم ".

وهذا أيضاًً مِمَّا يدل على قِلَّةِ الأمانة العلمية عند هذا الرجل، وولعه بالتضليل وتغرير القارىء وقلب الحقائق له.

إن ابن عبد البر في كتابه المذكور عقد فَصْلاً ذكر فيه ما خَطَّأَ فيه بعض العلماء بعضاً وما أنكر بعضهم على بعض من الفُتْيَا، وذكر في هذا الفصل رَدَّ أبي بكرعلى الصحابة حين خالفوه في قتال أهل الردة، وَرَدَّ عائشة على ابن عمر في قوله: «الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ [عَلَيْهِ]». وقالت: «وَهِمَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَوْ أَخْطَأَ أَوْ نَسِيَ»، وكذلك رَدَّتْ عليه في عدد عُمْرَاتِ رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَرَدَّ ابن مسعود على أبي موسى وسلمان بن ربيعة في قضية من قضايا المواريث وهكذا، وفيما ذكر من ذلك، قال: وأنكر ابن مسعود على أبى هريرة قوله: «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ، وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» الخ ...

فأنت ترى أن أبا هريرة إنما يُفْتِى في المسالة وأن ابن مسعود يَرُدُّ عليه «قوله» لا «حديثه» فأين تكذيب ابن مسعود لأبي هريرة في الحديث؟

على أن عدداً من الفقهاء قال بقول أبي هريرة، فمنهم من أوجب، ومنهم من استحب.

٦ - وقد ختم أَبُو رَيَّةَ «تحقيقه العلمي الفذّ»! .. بقوله: «ولا يستوفي ذكر انتقاد الصحابة له والشك في رواياته لأن كتابنا يضيق عن ذلك ... الخ».

<<  <   >  >>