للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويصر على الباطل بعد أن حاولنا أن نردعه عنه بِالحُجَّةِ والمنطق وناقشنا أدلته وما فيها من كذب وتهافت وافتراء على التاريخ وعلى العلماء.

وسأترك الرد العلمي على كتابه الجديد إلى مكانه في الطبعة الثانية من كتاب " السُنَّةِ " التي أرجو أن أباشر بها قريباً حين يَمُنُّ اللهُ عَلَيَّ بقدر من الصحة يمكنني من الإشراف عليها لتلافي الأخطاء الطبعية البالغة التي ظهرت في الطبعة الأولى، لكني لا بد من أن أشير في هذه الكلمة إلى بعض ما ورد في مقدمة كتابه الثاني.

لقد حمل هذا المُدَّعِي في كتابيه الأول والثاني على الأزهر وعلمائه حملة شعواء وهاجم شهاداتهم ورماهم بالحشوية والجمود وتعفن الأفكار، وقد يبدو ذلك غريباً من إنسان يلبس زي علماء الأزهر ويلقب نفسه بالشيخ، لكن الغرابة تزول حين يعلم - كما علمت ذلك من أبناء بلده والمطلعين على تاريخ حياته - أنه كان منتسباً إلى الأزهر في صدر شبابه، فلما وصل إلى مرحلة الشهادة الثانوية الأزهرية أعياه أن ينجح فيها أكثر من مَرَّةٍ، فلما يئس عرض نفسه على جريدة كانت تصدر في بلده على أن يكون مصححاً للأخطاء المطبعية فيها، واستمر على ذلك سنين، ثم وُظِّفَ كاتباً بسيطاً في دائرة البلدية هناك وظل كذلك حتى أحيل إلى التقاعد (المعاش). وكان حين ترك الأزهر - أو بالأصح حين تركه الأزهر لغبائه وكسله - يقف على قارعة الطريق يتحرش بطلاب الأزهر فيبدي لهم استهزاءه بهم لانقطاعهم إلى تعلم الدين وشرائعه، ويرى ذلك دليلاً على سخف عقولهم، هذا هو أَبُو رَيَّةَ كما حدَّثَنا عنه أهل بلده من العلماء ورجال الفكر والأدب، لم يستطع النجاح في الشهادة الثانوية، ولم يجلس إلى أستاذ، ولا أخذ العلم عن عالم، وإنما كان صحفياً، أي يأخذ علمه من الصحف كما كان يعبر سلفنا الصالح، وقد كانوا لا يرون من فعل ذلك مستحقاً للقب طالب العلم، ولا أهلاً لأن يعبأ بأقواله وآرائه. وبذلك تعرف سر حقد أَبِي رَيَّةَ على العلماء، وسبب جهله المخجل بفهم النصوص، وسر جرأته في

<<  <   >  >>