للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تحريف أقوال العلماء من صحابة وتابعين فمن بعدهم جرأة لا يقدم عليها من يخاف الله ويعلم ما أعد الله للكاذبين من أليم العذاب وسوء المصير ..

ثم إنه وصفني بأني «شامي» وأن الحماقة التي عرف بها قومي - يعني الشاميين - هي التي جعلتني أقف منه هذا الموقف، وأنا لا يهمني أن يصفني بالحماقة، فالناس هم الذين يحكمون في هذا الموضوع لا رجل موتور مثله، ولكن الذي يهمني أن أنبه إلى حقيقة دين هذا الرجل الذي تمكنت في قلبه الإقليمية البغيضة تمكناً جاهلياً، فلو كان مسلماً حقاً لعلم أن بلاد الإسلام كلها وطن واحد، ولخجل من أن يَتَحَدَّثَ عن نفسه بأنه مصري ويصفني بأنني شامي، على أن الحقائق العلمية لا تقبل من أهل بلد وترفض من أهل بلد آخر، ولو كان من أهل العلم لعَلِمَ كم أخذ المصريون عن الشاميين. والشاميون عن المصريين، والمصريون والشاميون عن العراقيين، وهؤلاء جميعاً عن علماء الأقطار الإسلامية الأخرى، وما تعمده هذا الرجل من وصف الشاميين - أي سكان سورية ولبنان وفلسطين والأردن بالاصطلاح العربي القديم وبالاصطلاح المصري المعاصر - بالحمق دليل آخر على رقة دين هذا الرجل وحقده وإثارته من جديد ما تركته الفتن الدامية في صدر الإسلام من آثار تجاوزت العقائد إلى الآداب فجعلت كتب الأدب تطفح بالنوادر عن حماقة أهل الشام وشعب أهل العراق، ثم امتدت فرأينا المتنبي يهجو أهل مصر في قصيدته المشهورة، وتطورت في العصور المتأخرة إلى أن يهجو أهل كل بلد جيرانهم من البلد الآخر، فليعتبر القارئ إلى أي حد بلغ حقد هذا الرجل، وبذاءة لسانه مع أنه يَدَّعِي التزام المنطق العلمي، والبحث المنهجي ..

وشيء آخر أن الرجل يكشف عما في خبيئة نفسه من تهالك على الشهرة ولو في الإثم والفجور فقد ادَّعَى أن كتابه الأول أحدث ضجة لم يُحْدِثْهَا كتاب عربي من قبل إلا كتاب طه حسين! .. ويفتخر بأن كتباً ألِّفت في الرد على كتابه وأن مجلات تناولته بالنقد .. هذا هو أَبُو رَيَّةَ على حقيقته: جاهل يبتغي الشهرة في أوساط العلماء، وفاجر يبتغي الشهرة بإثارة

<<  <   >  >>