للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كاستعمال اليسرى ليس ملحوظا فيه المصدرية كالعسر واليسر، وإنما الملحوظ فيها بصيغة فعلى أقصى اليسر، وأشدّ العسر، أو هما اليسر الذي لا يسر مثله، والعسر الذي ما بعده عسر، ونظيرهما في القرآن الكريم من غير المادة:

«البطشة الكبرى والنّار الكبرى» «١».

فقرين هذا في الآية الكريمة: وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى «٢» وقوله عزّ وجلّ: يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى «٣».

والجدير بالذكر أن صيغة الكبرى لم ترد إلا مسندة إلى آيات الله، وفي وصف القيامة، وهذا يحقق غاية الفاعلية، ليظلّ التفكير يحوم حول مدى قدرة الله المطلقة.

وفي تفسيره سورة الهمزة تذكّر بالاستعمال الصحيح الذي تعدّه سلاحا في رفض القول بالسجع، قال تعالى: نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ «٤».

وهي لا ترى في الأفئدة معنى عضويا إذ تقول: «إذن يكون إيثار الأفئدة هنا لا لنسق الفاصلة فحسب، ولكنه كذلك لتخليص الأفئدة من حسّ العضويّة التي تدخل على دلالة لفظ القلوب فيما ألف العرب من لغتهم، ولا نزال نستعمل القلب بمعناه العضويّ، ولا نستعمل الفؤاد بهذا المعنى قطّ» «٥».

وهي قلّما تسهب في بسط الجوانب النفسية، إذ تكتفي غالبا بذكر التمكن اللغوي، إلا أن أسلوبها يوحي بمجاوزة البعد اللغوي، لأجل تبيين المقدرة التصويرية من خلال الفروق، فهي لا تعلّق مثلا على أهمية الأفئدة لا القلوب بشكل واضح، مما يفسّر العذاب الذي ينال النّفس.

وبعد هذا لا بدّ من الإشارة إلى أن الدراسين لم ينكروا مراعاة الفواصل


(١) عبد الرحمن، د. عائشة، التفسير البياني: ٢/ ١١١.
(٢) سورة الأعلى، الآيتان: ١١ - ١٢.
(٣) سورة الدخان، الآية: ١٦.
(٤) سورة الهمزة، الآيتان ٦ - ٧.
(٥) عبد الرحمن، د. عائشة، التفسير البياني: ٢/ ١٨١.

<<  <   >  >>