للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويتبين لقارئ كتابه أن الدفاع الديني- إن صحّ التعبير- قائم على أسس علمية يدعمها الذوق الرفيع بالتطبيق الوافي، وهو حقيق بأن يعدّ مؤسس فنّ التذوق الأدبي في تراثنا، إذ ينطلق من النص نفسه وجزئياته الدقيقة، ليحكم ويقدم القيمة الفنية، وهذا ما تدعو إليه أحدث المدارس النقدية اليوم.

وما تأكيدنا على حق المفردة بالجمال الفني- كما أكّد الدارسون- إلّا إضافة على نظريته، وليس نقضا لها.

وكذلك تطلّ الفقرة الثالثة على الفصول الأخرى، ولا سيّما الرابع منها، لأن الدارسين اعتمدوا على الفروق في تملّي جمال المفردة ومناسبتها للمقام، واختزانها للمعاني الكثيرة وظلالها النفسية، ومطابقتها للعقل والوجدان، وهذا تطلّب منهم الاعتماد على الفروق بالإضافة إلى معايير أخرى.

كما أنّ هذه الفقرة تطلّ على الفصل الثاني، إذ يؤدي الاختيار الدقيق للمفردات إلى قدرة فائقة في تصوير المشاعر والمشاهد، ولا سيّما المفردات الحسّية المستعارة، لتجسّم الحركة المشاهدة وتصوّرها، وتصوّر الحركة النفسية، وقدرة هذه المفردة على التشخيص الحي، وغير هذا.

أما الفقرة الرابعة، فهي تمهّد السبيل إلى الفصل الثالث، وتعدّ نافذة على فقراته، وقد أكّدنا فيها الطابع الموسيقى للقرآن، ودعوة القرآن الكريم والسّنّة الشريفة إلى استيعاب أنغامها وتذوقها، وفي هذه الدّعوة وضع لليد على جزئيات الإعجاز، ورأينا أنّ الجمال الموسيقى في القرآن جليّ كالفواتح والفواصل، وخفي يشتمل على نسق الحروف والحركات مما يناسب المعنى.

وبما أن العرب فرسان الفصاحة، فقد شهدوا بتفرد الشكل القرآني المعجز، وقد سجّلنا بعضا من شهاداتهم التي تشيد بالعنصر الموسيقى الذي فهموه بالفطرة.

كما ألمحنا إلى وقوع الدّارس القديم على جمال الأنغام، وذلك وفق مصطلحه، وقد كان هذا المصطلح المجمل مشتملا في الحقيقة على الجزئيات التي درسها المتأخرون، وأبرزوا جمالها.

<<  <   >  >>