يقول الله سبحانه وتعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}[البقرة:١٤٣] قال الإمام ابن تيمية وغيره: (وكما أن هذه الأمة وسط بين الأمم، فكذلك أهل السنة والجماعة وسط بين طوائف هذه الأمة).
ومعنى الوسطية التي ذكرها الله في القرآن: أنهم عدول، يقضون ويشهدون بالحق؛ لأن الله يقول:{إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ}[الزخرف:٨٦] أي: بالصدق والأمانة والعدل: {وَهُمْ يَعْلَمُونَ}[الزخرف:٨٦] أي: أنهم صادقون في إرادتهم، صادقون في مداركهم.
فمسألة الوسطية من مسائل المنهج المعروفة عند أهل السنة والجماعة، فقد قرر الإمام ابن تيمية في رسالته الواسطية -وإن كان اسمها ليس مشتقاً من هذا المعنى، وإنما لأنه كتبها لقاض من قضاة واسط، وهي بلد في العراق- قرر في هذه الرسالة مسألة الوسطية، في كلام معروف شائع بين طلبة العلم، وكثير من العامة.
فالمقصود: أن الوسطية أصبحت في هذا العصر مصطلحاً يُجادل عليه في أكثر من مقام، فإن بعض الذين ليس عندهم ضبط وعناية ببعض المسائل الشرعية أو المنهج الشرعي، نجدهم يدَّعون أن ما يذكرونه هو من باب الوسطية، فقد أصبحت الوسطية مصطلحاً يدخله الاشتراك والتداول في أكثر من ميدان وأكثر من ديوان، ولذلك لا بد من فقه هذه الكلمة، وأنها كلمة تدل على جملة من المعاني.