منهج الرد يختلف عن منهج التقرير، ولذلك فإن طريقة العلماء من أئمة السنة في باب الرد، تختلف عن طريقتهم في باب التقرير، وربما خلط البعض أحياناً حتى من طلبة العلم ولم يفرق بين مقام الرد وبين مقام التقرير، وربما أقحم العامة أو المبتدئين في طلب العلم في مقام أو أكثر من مقامات الردود على الشبه الفلسفية، أو الشبه الكلامية، أو الشبه المنغلقة، التي لا يحتاجها العامة من المسلمين، الذين صلحت أمورهم وعقائدهم.
وباب الرد: هو باب يقصد منه دفع الشر، ويلاحظ أن الله سبحانه وتعالى إذا ذكر في كتابه الكريم مقام الدعوة إلى الحق، اختلف السياق عن مقام إبطال وإنكار الباطل.
والأئمة في مقام الرد يستعملون اللوازم، فربما ألزموا بعض الطوائف بأقوال ليست هي من أقوالهم، وليس ذلك من باب أنهم يكذبون عليهم، وإنما من باب أن هذه أقوال تلزمهم، وإذا لزم عن الباطل ما هو أظهر منه بطلاناً؛ كان ذلك دليلاً على الحكم بفساده.
وذلك كقولهم مثلاً: إنه يلزم بعض طوائف المرجئة: أن يكون إيمان جبريل كإيمان الفسَّاق، هذا من باب اللازم، وليس من باب: أن المرجئة من الفقهاء ونحوهم من المقاربين يقولون بمثل هذا القول، فهذا لازم لهم، ولازم المذهب ليس بمذهب، لكنه يُستعمل في مقام الرد، من باب الإبطال لقول المخالف.
ومثل هذا ما سبق ذكره من الاستدلال بقوله تعالى:{إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ}[المدثر:٢٥] لإبطال قول من يقول: إن القرآن مخلوق، فهذا من باب اللازم، أي: أن مقالة هؤلاء يلزم أن تكون نتيجتها مشتركة مع مقالة أولئك القوم من الكفار.
ومما يشير إليه الأئمة في باب الرد: الذم، فنجد أن في كلام الأئمة ذماً لمخالفيهم، وهذا الذم إذا ذكر على قدر من العدل والاقتصاد، فإنه لا بد منه، وقد ذم الله في كتابه من خالف أمره أو أمر رسوله أو ما بعث به عباده المرسلين.