للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المورد الرابع: في الحكم]

الوسطية بوجه عام تعني: الانفكاك عن الإفراط وعن التفريط، ومنذ أن حدثت المحدثات في الأمة، وُجد قوم عندهم قدر من الإفراط وقدر من التفريط.

وفي هذا المقام لن يكون الحديث عمن عرفوا بالإفراط أو التفريط، لكن عن بعض المنتسبين للسنة والجماعة من الفقهاء، وبعض المعاصرين، فإنه يوجد عندهم بعض الإفراط، كما يوجد عند آخرين منهم بعض التفريط: إما في تقرير الأقوال، وإما في طريقة الرد على المخالف، وإما في باب الحكم على المخالف.

وكما يوجد في هؤلاء من عنده تفريط وتقصير، أو ما يُسمى باللسان الدارج: التمييع، أي: من يميعون الفروق بين الحقائق الشرعية والأشياء البدعية، أو يميعون الأحكام التي نطق بها أئمة السلف رحمهم الله، هذا الذي نسميه تمييعاً هو في حقيقته تفريط - فكذلك يوجد أحياناً من بعض الصادقين الصالحين، القاصدين نصر السنة، يوجد فيهم قدر من الإفراط، فيظنون أن الحق والسنة لا تُحكَّم، ولا تضبط، ولا ينتصر لها، إلا بمثل هذا الأسلوب من الشدة، التي فيها قدر من الزيادة والظلم لقوم من الناس، وهذا ظن خاطئ؛ لأن الله تعالى قد حرم الظلم على نفسه وجعله بين سائر عباده من المسلمين وغير المسلمين محرماً.

فمسألة الوسطية تعني: الانفكاك عن الإفراط وعن التفريط، وفي نظري: أن أشهر مثال للمعتدلين الوسطيين من المتأخرين هو: الإمام ابن تيمية رحمه الله، ومن هنا أوصي طلاب العلم بالنظر في كتب هذا الإمام؛ لما فيها من المقومات الشرعية للوسطية الشرعية.

<<  <  ج: ص:  >  >>