بالله وبموسى كنبى مرسل، ولكنهم لا يؤمنون برسالة سيدنا محمد، عليه الصلاة والسلام، ولكن الآية صيغت بحيث تنطبق على كل زمان ومكان.
لا إيمان بالله بدون الإيمان برسله: فلا يمكن لزاعم أن يزعم أنه يؤمن بالله، ولكنه لا يؤمن برسله؛ لأن معنى الإيمان بالله، أنه هو الذى خلق الإنسان، وخلقه لغاية، والرسل هم الذين عرّفونا بهذه الغاية، وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:
٥٦]، ويكون معنى عدم تحقيق هذه الغاية التى جاء بها الرسل، هو عدم الإيمان بالله، وإلا كان الإيمان بالله وعدمه سواء بسواء، فما جدوى إيمان لا يترتب عليه شىء على الإطلاق، وما أشنعه من كفر أن نقول: أن الله قد خلق الخلق، ثم تركهم لشأنهم لا يعرفون ما يأمرهم به وما ينهاهم عنه، وهو ما لا نعرفه إلا عن طريق الرسل، فعبث
وسفسطة، أن يقول قائل: أؤمن بالله، ولكنى لا أؤمن برسله، فأحدهما لازم للآخر، بحيث يزول بزواله، ولقد قلنا من قبل، ونقول: أن لا فكاك للإنسان، أى إنسان، من الإقرار بوجود قوة عظمى وراء هذا الكون، يسميها من لا يؤمنون بالله: الطبيعة، أو المادة، أو المادية الجدلية، فمن يؤمن بالله دون الإيمان برسله وما جاءوا به من تعاليم، فهم لا يزيدون عن كونهم أضافوا كلمة جديدة إلى جوار كلمات الطبيعة والمادة ... إلخ.
وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ [النساء: ١٥٠]، ويساوى ما تقدم من حيث الكفر بالله، محاولة التفريق بين الرسل، فيقال على سبيل المثال: نؤمن بموسى، أو بعيسى، ولكنا نكفر بمحمد، فمثل هذا القول هو كفر صراح.
كما سوف ينص القرآن فى الآية التالية، ذلك أن الإيمان برسول واحد يعنى الإيمان بالوحى، باعتباره الواسطة بين الله والإنسان، فإذا جاء إنسان يقول: إنه يوحى إليه، وكان ما يقول هو من نوع ما جاء به الرسول الأول، وأثبتت الأحداث أن كل ما قاله ويقوله هو صدق فى صدق، ومن فوقه ومن قبله صدق، فعلى أى أساس تنكر رسالته، إلا أن يكون إنكار الوحى، وبهذا نعود إلى الكفر بالله، وأنه يوحى إلى البشر.
سئل السيد المسيح: يا معلم، سيكون من بعدك أنبياء كذبة، فكيف نعرفهم؟ فكان جوابه: من نمارهم تعرفونهم، فعند ما يجيء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يدعو للتوحيد، ويحارب الوثنة والأصنام، ويعذب ويضطهد هو ومن اتبعه، فلا يزيدهم ذلك إلا إصرارا على