يقرأ كثير من الناس القرآن ثم يهبه للميت، فهل ينفعه ذلك؟
آيات وأحاديث: تعرف هذه المسألة بمسألة إهداء ثواب العبادة للموتى، وقد اختلفت فيها آراء العلماء، ومنشأ الاختلاف أنه وجد فى القرآن آيات تبين سنة الله فى الثواب والعقاب، وفى تبديل السيئات بالحسنات، ووجدت أحاديث صحيحة صريحة فى أن الوالدين ينتفعان بصدقة ولدهما، أو صومه، أو حجه عنهما؛ فمن الآيات قوله تعالى:
[الفرقان: ٧٠]، وقوله: أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى [النجم: ٣٣]، فهذه الآيات ونحوها ظاهرة فى أن الإنسان لا ينتفع إلا بسعيه وعمله الذى يزكى نفسه بالنية الطيبة والإخلاص لله.
أما الأحاديث التى وردت فى الموضوع، فكلها تدور حول الجواب عن سؤال واحد، هو: هل ينتفع أبى وأمى إذا صمت أو تصدقت أو حججت عنهما؟ وكان الجواب: نعم ينفعه ذلك.
اختلاف العلماء:
وأمام هذه الآيات وتلك الأحاديث اختلفت آراء العلماء، فرأى فريق أن الآيات مقدمة فى العمل على الأحاديث، والأحاديث ليس لها قوة الحكم على الآيات، وبذلك قرروا أن الإنسان لا ينتفع بعمل غيره أيّا كان ذلك العمل، وكيفما كان ذلك الغير.
ورأى فريق آخر أن الأحاديث صريحة فى انتفاع الوالدين بصدقة ولدهما أو حجه أو صومه عنهما، ثم قالوا: لا فرق بين الولد وغيره، وبذلك قرروا أن الإنسان ينتفع بعد موته بعمل غيره متى أهدى ثوابه إليه، وإن لم يكن من ولده، وقالوا: إن الثواب ملك للعامل، فله أن يتبرع به ويهديه إلى أخيه المسلم، ثم خرج هؤلاء الآيات تخريجا أوهن من موقفهم أمام المانعين، وكذلك كان موقفهم فى قياس غير الولد الذى لم يرد به نص، على الولد الذى ورد به نص مع وجود الفارق بينهما.
أما الدعاء فهو عبادة مستقلة، ثوابها للداعى فقط، والمدعو له إنما ينتفع بالاستجابة إذا حصلت، والاستجابة ليست أثرا لإهداء الداعى ثواب دعائه للميت، وإنما هى شأن