سئل شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله، عن جمع القراءات السبعة، هل هو سنة أم بدعة؟ وهل جمعت على عهد رسول الله أم لا؟ وهل لجامعها مزية ثواب على من قرأ برواية أم لا؟ فأجاب بقوله: الحمد لله، أما نفس معرفة القراءة وحفظها فسنة، فإن القراءة سنة متبعة يأخذها الآخر عن الأول، فمعرفة القراءات التى كان النبى صلى الله عليه وسلم يقرأ بها، أو يقرهم على القراءة بها، أو يأذن لهم وقد أقرئوا بها سنة، والعارف بالقراءات الحافظ لها، له مزية على من لم يعرف ذلك، ولا يعرف إلا قراءة واحدة، وأما جمعها فى الصلاة أو فى التلاوة، فهو بدعة مكروهة، وأما جمعها لأجل الحفظ والدرس، فهو من الاجتهاد الذى فعله طوائف فى القراءة، وأما الصحابة والتابعون، فلم يكونوا يجمعون، والله أعلم.
وقال فى موضع آخر: وأما الجمع فى كل القراءة المشروعة المأمور بها، فغير مشروع باتفاق المسلمين، بل يخير بين تلك الحروف، وإذا قرأ بهذه تارة وبهذه تارة كان حسنا.
وقال بعد حديث الصحاح وهو:«أنزل القرآن على سبعة أحرف كلها شاف كاف، فاقرءوا بما تيسر»، ومعلوم أن المشروع فى ذلك أن يقرأ أحدها أو هذا تارة وهذا تارة لا الجمع بينهما، فإن النبى صلى الله عليه وسلم لم يجمع بين هذه الألفاظ فى آن واحد، بل قال هذا تارة وهذا تارة. أ. هـ.
[بدع وضلالات متعلقة بالقرآن العظيم]
فمن ذلك أخذ الفأل والبخت من المصحف، ولا أدرى ماذا يصنع صاحب البخت إن وقف على آية: فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ [البقرة: ٢٧٩]، أو: لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ [العلق: ١٥]، أو: ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ [العلق: ١٦]، أو: سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ [العلق: ١٨] مثلا. وفى كتاب أدب الدنيا والدين، أن الوليد بن يزيد تفاءل يوما فى المصحف، فخرج له قوله تعالى: وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ [إبراهيم: ١٥]، فمزق المصحف وأنشأ يقول:
أتوعد كل جبار عنيد ... فها أنا ذاك جبار عنيد
إذا ما جئت ربك يوم حشر ... فقل يا رب مزقنى الوليد
فلم يلبث إلا أياما حتى قتل شر قتلة، وصلب رأسه على قصره، فنعوذ بالله.