٣ - إيجاز هذه الأمثال، واعتمادها على اللفظ القليل، والمعنى الكثير، أغرى بسرعة تداولها وحفظها، والتمثل بها، فى اللحظات المشابهة لما قيلت فيه.
٤ - تعرضت هذه الأمثال لأحداث حدثت، ونطقت بها ألسنة المشاركين لهذه الأحداث، أو المشاهدين لها، أو السامعين لأوصافها، فكان ذلك دافعا إلى الحرص عليها، والتمسك بمعرفة أصولها ومناسباتها.
٥ - كانت هذه الأمثال صورة واضحة لأحداث الحياة، وشخصياتها المتباينة، ففيها الرجل والمرأة، والكبير والصغير، والفتى والفتاة، والعالم والجاهل، والحاكم والمحكوم.
حقائق كثيرة نورد بعضها فى هذا المقام، تاركين لما نختاره من نماذج مهمة ألقت الضوء على ما تزخر به من صور رائعة لقيم رفيعة من القرآن والحديث، وما يعد أنموذجا للفكر العربى والعقلية العربية، وأسلوب الحياة فى تطبيقاتها العديدة على أيدى أفراد وجماعات، وأحداث فى الحياة، دون تكلف أو حاجة إلى معرفة قواعد نحوية، أو أوزان عروضية، أو أنماط من الأساليب تبعها الأدباء والعلماء.
هذا بالإضافة إلى أنها اتخذت فى أسلوبها الأعم والأغلب، أسلوب الأمثال الحكمية التى تعرض المعنى فى ثوب موجز من اللفظ، ولا تعرض صياغتها اللفظية على طريق الأمثال القرآنية القائمة على التشبيه التمثيلى، ومن وجود مشابهة بين حالين مختلفين، وإنما تكتفى بذكر قضايا مسلّمة محكوم بصحتها من واقع الحياة، ويمكن اللجوء إليها والاستشهاد بذكرها إذا كانت هناك حال مشابهة لها.
[١ - المنهج الذى قامت عليه الأمثال:]
أ- بناء الإنسان:
حددت هذه الأمثال بصورتها الموجزة، طريقها فى خدمة الحياة بكل متطلباتها، وذلك بالنظر إلى الإنسان وواقعه، ولم تخرج به إلى عالم الخيال، والعيش مع الأحلام والتمنيات، دعته إلى أن يكون إنسانا مكتمل الإنسانية، بعيدا عن الانزواء والجهالة، وأن يكون ذا شخصية لها سماتها البشرية من عقل مفكر، مبدع، مالك لزمام نفسه، متحكم فى نزواته وشهواته، له منهجه الواضح فى الحياة، لا يلتوى به الطريق، ولا تخدعه الأمانى والآمال الزائفة.