للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكل هذه الأسرار الأسلوبية دفعت أصحاب البلاغة إلى تلمس معرفتها، والوصول إلى خفاياها.

ولما كان ليس فى مقدرونا الإحاطة بكل هذه الأساليب وتناولها بالدراسة؛ لضيق الحيز، ولصعوبة التناول، فإننا نستطيع بإذن الله أن نخلص من تلك الأساليب إلى ما هو أساس بحثنا، وعنوان مؤلفنا، وهو أسلوب الأمثال القرآنية، وطريقة تكوينها وأهدافها.

[أوجه الإعجاز فى القرآن الكريم:]

أفاضت كتب التفسير قديمها وحديثها فى بيان أوجه الإعجاز القرآنى، وإنا لموجزون تلك الأوجه إتماما للفائدة فى هذا المقام:

١ - لا تقتصر جوانب الإعجاز القرآنى على الجانب اللفظى وما به من فصاحة فى الأسلوب استحوذت على أفئدة أرباب الفصاحة من قديم الزمان وحديثه، ولا على بلاغة تراكيبه وما حوته جمله من طرائق عديدة فى التكوين، والتركيب، والتنويع (١)، من جوانب لفظية شملت ما كان عند العرب سابقا فى آدابهم من شعر، ونثر، وحكمة، وبيان، وإلا لكان ذلك قاصرا على من ينطق بهذه اللغة فقط، ولا يستطيع التأثير فى المخاطبين الذين يكلفون بأمر هذا الدين، ويستجيبون له من الأمم الأخرى.

ولذا فإن أمر الإعجاز يتعدى الجانب اللفظى، وفصاحته، وبلاغته، وسمو تراكيبه، إلى جوانب أخرى تشد انتباه الناس حقا فى كل عصر، وفى كل مكان، ولذا توضع موضع الاهتمام والدراسة، وتحظى بكثير من التقدير والاحترام، ويمكننا أن نشير إلى بعضها فى الآتى.

٢ - حفل القرآن الكريم بأخبار السابقين والقرون السالفة التى هلكت، كما يحمل أخبارا مغيبة عن انتصارات وأحداث وقعت مثل فتح مكة، وانتصار الروم على الفرس.

٣ - كشفت آيات القرآن الكريم عن ألوان النفسيات التى يعج بها المجتمع فى قديم الزمان وحديثه، وبخاصة أهل النفاق، وما لهم من خصائص.


(١) واشتماله على جميع فنون البلاغة من ضروب التأكد، أنواع التشبيه والتمثيل، وأصناف الاستعارة، حسن المطالع والمقاطع، حسن التواصل، التقديم والتأخير، الوصل والفصل، إلى آخر ما هنالك.

<<  <   >  >>