اعتقاداتهم، وظهر هذا فيما تركوه لنا من آثار تشهد لهم بالإيمان بفكرة البعث والحساب بين يدى الله سبحانه وتعالى منذ آلاف السنين، وما تلك الآثار التى تطل علينا من أهرامات وشواهد إلا شاهد صدق على حقيقة هذا الاعتقاد، ودليل على سلامة ما كان يفكر فيه أولئك القوم.
إلا أن لوثة من الفكر السقيم سيطرت على مجموعات أخرى من الشعوب الجاهلة، قد اندست وترسبت فى أعماقهم، فجعلتهم يكفرون بالحياة الأخروية، وما بها من حساب، وعقاب، وبعث، ونشور، واعتقدوا أن ذلك ضرب من المحال، وَقالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ [الجاثية: ٢٤].
فكان أولئك الدهريون أولى بأن تتجه إليهم الأمثال القرآنية؛ لتحارب هذه النزعة الفاسدة من نفوسهم، وتدعوهم إلى الإيمان بفكرة الجزاء، والثواب، والعقاب.
[٣ - البعث والنشور والحساب:]
من كمال الإيمان بالله سبحانه وتعالى، الإيمان بكل ما جاء من قبله فى كتابه العزيز، وقرآنه الكريم.
وكما دعانا إلى الإيمان بوحدانيته، وعدم الإشراك به، دعانا كذلك إلى الإيمان باليوم الآخر، والاعتقاد الكامل فى أن هناك حسابا وعقابا يوم القيامة، يوم تجزى كل نفس بما عملت فى دنياها من خير أو شر.
وكما أنه لا يقبل فى حكم العقل أن يتساوى محسن مع مسىء فى دنيانا، لذلك كانت هناك آخرة لأيام الإنسان مهما طالت، ولا بدّ له أن يموت مهما طال به الأجل: