ويتضمن هذا القسم: بحث آيات القرآن التى تخص اليهود وحدهم بالخطاب، وتلزمهم الحجة والبرهان، وآيات تخص النصارى وحدهم، ثم آيات تجمع بينهم فى خطاب واحد، تدعو كلا من الفريقين إلى الإيمان والتوحيد على مقتضى رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
ولما رأينا بعض المعاصرين، وهو المحامى أحمد حسين، فى كتابه: فى الإيمان والإسلام، قد خالف صريح النص القرآنى الناطق بكفر أهل الكتاب من اليهود والنصارى، نبهنا على ذلك، ورددنا عليه بمقتضى الأصول والموازين الصادقة، وقد قدمنا بين يدى البحث تمهيدا نبين فيه ما يجب على المكلف اعتقاده كما وضحته الآيات القرآنية.
كانت سورة البقرة من السور الطوال التى فصلت فيها الأصول، والأدلة، والأحكام، ولذلك وجدنا فيها المطالب الثلاثة التى تلزم كل مكلف، وتتحتم عليه مؤيدة بالدليل والبرهان، وهذه المطالب هى:
١ - التوحيد.
٢ - نبوّة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
٣ - المعاد.
[أما الأول: وهو التوحيد:]
فقد ذكره الله تعالى فى قوله: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ [البقرة:
٢١]، إلى قوله: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة: ٢٢]، فإنه لما ذكر فى أول السورة قبل ذلك فرق المكلفين من: المؤمنون، والكافرين، والمنافقين، وصفتهم وأحوالهم، وما اختصت به كل فرقة، أقبل عليهم بالخطاب ملتفتا عن الغيبة، فأمر ونهى، ودعا إلى عبادته وحده، ثم وصف نفسه بأوصاف دالة على وحدانيته من خلقهم وخلق من قبلهم أحياء قادرين، وخلق مفترشهم ومستقرهم الذى لا بدّ لهم منه، وخلق ما هو كالخيمة المضروبة على هذا المستقر، ومن ربط المظلة على المقلة بإنزال الماء، والإخراج به من بطنها فى أشباه النسل الناتج من الحيوان من ألوان الثمار رزقا لبنى