للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والاسترشاد؟. ذلك كان وعد الله لعباده المؤمنين ولرسوله الأمين: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [الحجر: ٩].

بقى علينا أن نتعرف الغاية، وأن نعرف الحكمة، وأن نتبصر أمورنا فى الحياة بمختلف اتجاهاتها سلما وحربا، علما وعملا، عظة واعتبارا، تطبيقا وإدراكا، سلوكا وفهما، حكما وسياسة.

هل من مدكر؟ سؤال يوقظ فى كل نفس معانى المعرفة، والإدراك، والفهم، والاتعاظ بما حدث فى الماضى، والعمل على إصلاح الحاضر، والطموح لبناء المستقبل، دعوة موجهة للفرد، والجماعة، والأمة، كى يعى كلّ دوره، وإمكاناته، ومسئولياته فى معترك الحياة.

دعوة موجهة لتحمل الأمانة الكبرى التى أنيطت بأعناق كل من وقع تحت دائرة التكليف السماوى، أمانة الاختيار، وحرية الإرادة، والقدرة على تحمل المسئوليات، اختيار الإنسان الظالم لنفسه، الجاهل بحقيقة دوره ووضعه، تلك الأمانة التى عرضها الله سبحانه وتعالى فى قوله تعالى: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا [الأحزاب:

٧٢].

أمانة ترينا الفرق بين مكلف ومكلف، بين السموات والأرض والجبال، وبين ذلك الإنسان القوى الضعيف صاحب الإرادة والاختيار، أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها وَالْجِبالَ أَرْساها مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ [النازعات: ٢٧ - ٣٣].

اقتضت النظرة الإلهية لهذا الإنسان الذى خلقه فى أحسن تقويم، وميزه على بقية المخلوقات بالعقل والتدبير، أن جعله محلا لكرامته بالرسالات والكتب؛ ليحقق الحكمة من وجوده، وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [الذاريات: ٥٦ - ٥٨].

وقوله تعالى: إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ [البقرة:

٣٠].

والخلافة تقتضى تعمير الكون على بصيرة من الأمر، والتكوين للذات الإنسانية، والتحمل للمسئوليات التى يترتب عليها الجزاء من ثواب وعقاب فى الدنيا، وكذلك

<<  <   >  >>