كبيرا الجنة فَرَآهُ حَسَناً حسن، إن قدّر جواب الاستفهام كمن هداه الله بقرينة ويهدي، ولمن قدر الجواب ذهبت نفسك عليه حسرة بقرينة فلا تذهب نفسك، ويكون قوله: فلا تذهب نفسك دليل الجواب، فلا يوقف على حَسَناً حسن يأتي بقوله: فلا تذهب نفسك. وقال الحسين بن الفضل:
في الآية تقديم وتأخير، وتقديره: أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فلا تذهب، وعلى هذا فالوصل أولى للتعقيب فإنه يؤذن بالسلب، أي: لا تتحسر على من يضلّ فإنه يضله، والأوّل أولى حَسَراتٍ كاف بِما يَصْنَعُونَ تامّ بَعْدَ مَوْتِها كاف النُّشُورُ تامّ، والكاف في محل رفع، أي: مثل إخراج النبات يخرجون من قبورهم الْعِزَّةَ تام، من شرط جوابه مقدّر، ويختلف تقديره باختلاف التفسير. قيل: من كان يريد العزة بعبادة الأوثان فيكون تقديره فليطلبها، ومن كان يريد العزة بالطريق القويم، فيكون تقديره فليطلبها، ومن كان يريد علم العزة فيكون تقديره فلينسب ذلك إلى الله، ودلّ على ذلك كله قوله: فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً وجَمِيعاً كاف، ومثله:
الكلم الطيب يَرْفَعُهُ تامّ، إن كان الرافع للعمل الصالح الله تعالى، وإن كان الرافع للعمل الصالح الكلم الطيب، وأراد أن الكلم الطيب يرفعه العمل الصالح، فلا يحسن الوقف على الطيب في الوجهين، وليس الطيب يوقف إن عطف وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ على الكلم الطيب، ومفهوم الصالح أن الكلم لا يقبل لعدم مقارنته للعمل الصالح إذ في الحديث «لا يقبل الله قولا إلا بعمل، ولا عملا إلا بنية، ولا قولا ولا عملا ولا نية إلا بإصابة السنة» شَدِيدٌ