ومن ذلك أنّه ذكر في باب (الطاء مع اللام)، قال: وفي حديث عبد الله: إنّما ضنّوا عليك بالمطَلْفَحةِ، فكُلْ رغيفك، يقول: إذا بخلوا عليك - يعني الأمراء - بالرقاقة، يقال: طلْفحتُ وفَلْطَحْتُ بمعنى واحد.
قلت: وهذا أيضاً قد غيَّر فيه لفظ الحديث، وفسَّره على غير معناه، وأخطأ في تأويله لقلّة معرفتهِ بالأحاديث ومعانيها، والأسباب التي رويت فيها. فأمّا تغيير لفظ الحديثِ، فإنَّه روى وذكر في كتابه: إنّما ضَنُّوا عليكَ، هكذا في النُّسخ وذلك خطأ، ولم يجئِ الحديثُ على لفظِ الخبرِ وإنَّما جاءَ على لفظِ الشرطِ: إذا بخلوا عليك ولم يكن ذلك قدْ وقع بعد. وهذا في حديث عبد الله بن مسعودٍ، رضي الله عنهُ، وجرى في مجلسه ما قد ذكره النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، مما يكون بعده من حال أمراء يكونونَ بعدَ الخلفاءِ، وشرطوا على العمَّال من قسمة الفيء وجباية الخراج، وتفريقه على المسلمين الذينَ هم أحقُّ بذلك ممَّن أستأثر به وصرفه في غير حقِّه، ومنع أربابه حقوقهم، وما يجري من الأمراء