قلتُ: وهذا التفسيرُ منهُ خَطأٌ، لأنَّ المفاوضةَ للعلماءِ ليست المساواةَ لهمْ وإنَّما المفاوضةُ هي: المخالطةُ والمذاكَرةُ والمباحثَة للعلم حتّى يصير عالماً. فأمّا المساواة فلا معنى في هذا، وإنما فاوضَ مَنْ هو أعلمُ منه فاستفادَ من علمهِ إلى علمهِ ما زادَ به على غيرهِ. والدليلُ على ذلكَ ما استشهد به المفسرّ مِنْ قولهمْ: شركةُ المفاوضةِ، إنَّما هي المخالطةُ بخلافِ شركة العِنَان.
ومن ذلك قالَ في باب (النون مع الفاء): في حديث آخر: من أشراط الساعة انتفاخُ الأهلة، هكذا ذكره بالخاءِ معجمةَ، وإنَّما هو انتفاخُ الأهِلة - بالجيم - والانتفاج - بالجيم - م كانَ خِلْقه، ومنه قولهم في وصف الفرس: مُنتَفِج الجَبينِ، كأنَ الأهِلةَ تَعْظُم ويزادُ في خلْقِها قبلَ قيامِ الساعةِ فيرى الهِلالُ في أول ليلةٍ فيقال: هو ابنُ ليلَتين لعظمه وكبره. وأمّا الانتفاخُ - بالخاء معجمة - فما كان عن علّة ومَرَض، والهلال لا علّة به ولا مرض.
سمعت شيخنا أبا زكريا اللغوي يحكي عن شيوخه الذينَ قرأ عليهم