ومما غَلِطَ في تفسيرِهِ وحرَّفَ معناهُ وغيَّرهُ وأخطأَ في تأويلِهِ ما ذكرهُ في بابِ (الضادِ مع الحاء). قال: وفي الحديثِ ورسولُ اللهِ، صلى الله عليه وسلم في الضِّحِّ والريحِ، أرادَ كثْرةَ الخيلِ والجيشِ: يقالْ: جاءَ فلانٌ بالضّحِّ والريحِ، أي ما طلعتْ عليهِ الشمس، وهبَّتْ بهِ الريحُ، أي المالُ الكثيرُ.
قلتْ: وهذا تفسيرُ منْ لا يعرفُ الحديثَ ولا يعلمُ معناهُ، ولا يدري ما وجهُهُ ولا على أيِّ سببٍ ذُكِرَ. وإنّما الحديثُ أنَّ أبا خَيْثمة الأنصاريَّ السالميَّ كانَ قدْ تخلَّفَ عن رسولِ اللهِ، صلى الله عليه وسلم في غزوةِ تبوك من غيرِ عذرٍ مع منْ تخلّفَ منَ المنافقينَ وغيرِهِمْ، وكانتْ في حرٍّ شديدٍ فرجعَ أبو خيثمةَ يوماً إلى بيتِهِ وقدْ رشّتْ لهُ زوجتُهُ البيتَ وظلّلتهُ وهيأتْ لهُ طعاماً ليأكُلَ فقالَ: يكونُ رسولُ اللهِ، صلى الله عليه وسلم في الضّحِّ والريحِ، يعني في الشمسِ والحرِّ، وأكونُ أنا في الظلِّ، واللهِ لا دخلتُ البيتَ، ولا طعِمْتُ حتى أتهيَّأَ للخروجِ إلى رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، ثم إنه خرج قاصداً إلى النبيّ، صلى الله عليه وسلم حتى لحق به.
هكذا رواه ابن إسحق في المغازي، والواقدي أيضاً وغيرهما. . .