ومن ذلك في باب (الواو مع الدال)، قال: في الحديث: لَيَنْتَهِيَنَّ الناسَ عنْ وَدْعِهم الجمعاتِ أو ليختمَنَّ على قلوبهم، وليكتبنّ من الغافلين عنْ تركِهم إيّاها.
قلت: كَذا روى: ليَنتَهينّ الناسُ، على الجمعِ اسم الجنس، وذلك خطأ. وليسَ كلّ الناس يتركونَ صلاةَ الجمعةِ وحضورها من غير عذر يمنعُ، معاذ الله أنْ يترك الناسُ كلّهم المسلمون صلاةَ الجمعةِ والجماعات. لوْ فعلوا لوجبَ على الإمام قتالهم ومنعهم منْ ذلك. وإنّما لفظ الحديث: ليَنتَهينّ أقوامٌ عن تركِهم الجُمُعات. هذا الذي جاء في الحديث بلفظِ الواحدِ على التنكير والتقليل، ليس كلّ المسلمينَ يفعلونَ ذلك،
إنّما يفعله ضعفاء الدين، فُسَّاقٌ او مبتدعون مُرَّاقٌ، لا يرون الصلاةَ في الجماعات إلا مع إمام معصوم على قولهم، ولا يُعْبأ بقولهِم ولا خلافهم، إذ هم مخالفون للإجماع، مُرّاق على الشرع.
أما قوله: عَنْ وَدْعهم، فهي لغة ضعيفة قلّما تستعمل في الحديث أو في الكلام، يَعُدّها علماء اللغة لحناً، وإنّما هي من قول بعض الرواة للحديث، لا من كلام النبيّ، عليه السلام، لأنّه كان، عليه السلام، يتكلّم بأفصح اللغات لا بأرداها، إذ هو مُنَزّه عن كلّ عَيْب،