ومنْ ذلكَ أيضاً ما ذَكَرَهُ في هذا البابِ، قال: وفي حديث الاستسقاءِ. قالَ: رأيتُ العبّاس وقدْ طالَ عُمُرهُ وعيناهُ تنضمّان.
قلتُ: هكذا ذكره: عُمُره وتنضمّان. وهذا خطأٌ منه وتصحيفٌ، وقولُ منْ لم يخطر على سمعه سماع الأخبار والآثار، بل يأخُذُها من الصّحفِ وليسَ له بها علمٌ فيصحّفها ويغيرها ويزيل معناها.
والصَّوابُ فيما ذَكَرَهُ: رأيتُ العبّاسَ - يعني عمّ النبيّ صلى الله عليه وسلم، وقدْ طالَ عُمَر - يعني ابنَ الخطّاب، رضي الله عنه - أي كانَ أَطْوَلَ منه، وكانَ العبّاس وعُمَر، رضوانُ الله عليهِما، منْ طِوالِ الرِّجالِ الذين كانوا في الجاهليّة يسمّون الرجل منهم: مقبّل الظعينةِ، يقول: يعنون أنّه يكون قائماً على قَدَمَيْه والمرأةُ في هَوْدَجِها، فلو أرادَ تقبيلَها لأمكَنَه ذلك بطولِه. وهم جماعةٌ معدودون يسمّون: مقبّلي الظّعُن، فيعني أنّ العبّاسَ رضيَ الله عنهُ طالَ عُمَر، أي فَضَلَ على طولهِ.
وقوله: وعيناه تنضمّان تصحيفٌ، والصَّوابُ: تنْضَخَان، يعني تجريانِ بالدموعِ وسبائبُهْ يعني ذوائبه تجولُ على صدرِه، وكانَ صاحبَ