ومن ذلك ما وقعَ أيضاً من الخطأ في تفسيره، ما ذكره في باب (القاف مع الراء)، قال: وفي الحديث أنّه قالَ لأَنْجَشَةَ وهوَ يحدو بالنساءِ: رفقاً بالقوارير، شبّهَهُنَّ بها لضعفِ عزائِمِهنّ، والقواريرُ يُسرعُ إليها الكسرُ، وكانَ أنجشةُ يحدو بهنّ وينشدُ من القريضِ والرجزِ ما فيه تشبيبٌ، فلم يأمن أنْ يصيبهنّ أو يقعَ في قلوبهنّ حداؤه، فأُمرَ بالكف عن ذلك، وقيل: الغناء رقية الزنى.
قلت: هذا ما ذكره في كتابه، وهذا الذي ذكره من التفسير قول، صلى الله عليه وسلم رفقاً بالقوارير، يعني النساء، وهنّ أزواجه عليه السلام، ورضيَ الله عنهنّ، لا يجوز ولا يسوغُ أن يُحْمَل قولُه عليه السلام، على ذلك، إذ قد نزّه الله أزواج نبيّه، صلى الله عليه وسلم، عن ذلك بقوله تعالى:(والطيّبات للطيّبين)، قوله:(يا نساءَ النبيّ لستنّ كأحدٍ منَ النساءِ)، وإنما أراد صلى الله عليه وسلم أنَّ الإبل إذا سمعتِ الحداءَ أَعْنَقتْ وأسرعتِ السّير، فربّما قَلِقَ وضينُ الهودج فوقعتْ إحداهنّ منَ البعيرِ لشدّةِ السيرِ فينكسرَ بعضُ أعضائها أو ينخلِعُ. فشبّههنّ بالقوارير لضعفهنّ، وأنّ الزجاج سريع الانكسار، ولم يرد عليهِ السلام ما ذكره المصنّف من ضعفِ العزائمِ، معاذ الله، مما ظنّ