للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي تقول: يا رب! كم من شهوةٍ ذهبت لذَّتُها، وبقيت تَبِعتُها، يا رب! أما لك أدبٌ إلَاّ النار؟ فما زال مقامها حتى طلع الفجر، فلمَّا رأيتُ ذلك؛ وضعتُ يدي على رأسي صارخًا، أقول: ثكلتْ مالكًا أمُّه، جُوَيرِيَةٌ منذ الليلة قد بطَّلته.

وطائفةٍ بالبيت والليلُ مظلمُ ... تقولُ ومنها دمعُها يتسجَّمُ (١)

أيا ربِّ كمْ من شهوةٍ قد رُزِئتُها ... ولذَّة عيشٍ حبلُها متصرِّمُ

أما كان يكفي للعباد عقوبةً ... ولا أدبًا إلَاّ الجحيم المضرَّمُ

فما زال ذاك القولُ منها تضرُّعًا ... إلى أنْ بدا فجرُ الصَّباح المقدَّمُ

فشبَّكْتُ منِّي الكفَّ أهْتِف خارجًا ... على الرأْس أُبْدِي بعض ما كنتُ أكْتُمُ

وقلتُ لنفسي إذْ تطاول مابها ... وأعيا عليها وِرْدُها المتغنَّم

ألا ثكلتك اليوم أُمُّك مالكًا ... جوَيرِيةٌ ألهاك منها التكلُّمُ

فما زلتَ بَطَّالًا بها طول ليلةٍ ... تنال بها حظًّا جسيمًا وتغنمُ

وقال مَخْرَمةُ بن عثمان (٢): نُبِّئت أنَّ فتًى من العُبَّاد هَوِيَ جاريةً من أهل البصرة، فبعث إليها يخطبها، فامتنعتْ، وقالت: إن أردت غير ذلك؛ فعلتُ، فأرسل إليها: سبحان الله! أدعوكِ إلى ما لا إثم فيه، وتدعينني


(١) قال الخرائطي (ص ٩١): أنشدني إبراهيم بن الجنيد قال: أنشدني محمد بن الحسين ... ، ثم ذكر الأبيات.
(٢) أخرجه الخرائطي (٩٢ - ٩٣). ورواه ابن الجوزي في ذم الهوى (ص ٢٣٦) عن الأصمعي بنحو هذا الخبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>