الباب السابع والعشرون فيمن ترك محبوبه حرامًا، فبُدِّل له حلالًا أو أعاضه الله خيرًا منه
عنوانُ هذا الباب، وقاعدتُه: أنَّ من ترك لله شيئًا؛ عوَّضه الله خيرًا منه، كما ترك يوسف الصِّديقُ ــ عليه السلام ــ امرأة العزيز لله، واختارَ السِّجن على الفاحشة، فعوَّضه [١٦٩ ب] الله: أن مكَّنه في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء، وأتته المرأة صاغرةً، سائلةً، راغبةً في الوصل الحلال، فتزوَّجها، فلمَّا دخل بها قال: هذا خيرٌ ممَّا كنتِ تريدين.
وتأمَّل كيف جزاه الله ــ سبحانه ــ على ضيق السجن: أن مكَّنه في الأرض ينزل منها حيث يشاء، وأذلَّ له العزيز، وامرأته، وأقرَّت المرأة والنِّسوة ببراءته، وهذه سُنَّته تعالى في عباده قديمًا وحديثًا إلى يوم القيامة.
ولمَّا عقر سليمان بن داود ــ عليهما الصلاة والسلام ــ الخيلَ التي شغلته عن صلاة العصر حتى غابت الشمس غضبًا لله، أعاضه الله عنها الريحَ يركب هو و عسكره على متنها حيث أراد.
ولمَّا ترك المهاجرون ديارَهم لله، وأوطانهم التي هي أحبُّ شيءٍ إليهم أعاضهم الله أن فتح عليهم الدُّنيا، وملَّكهم شرقَ الأرض وغربَها.
ولو اتقى الله السَّارقُ، وترك سرقة المال المعصوم لله؛ لآتاه الله مثلَه