والحبُّ في هذا العالم دائرٌ بين هذه النفوس الثلاثة، فأيُّ نفسٍ منها صادفت ما يلائم طبعها؛ استحسنتهُ ومالتْ إليه، ولم تصغ فيه لعاذل، ولم يأخذها فيه لومةُ لائم، وكلُّ قسم من هذه الأقسام يرون أنَّ ما هم فيه أولى بالإيثار، وأنَّ الاشتغال بغيره، والإقبال على سواه غبنٌ، وفوات حظٍّ، فالنَّفسُ السماوية بينها وبين الملائكة والرفيق الأعلى مناسبةٌ طبيعية بها مالت إلى أوصافهم، وأخلاقهم، وأعمالهم.
فالملَك يتولَّى من يناسبه بالنُّصح له، والإرشاد، والتَّثبيت، والتعليم، وإلقاء الصواب على لسانه، ودفع عدوِّه عنه، والاستغفار له إذا زلَّ، وتذكيره إذا نسي، وتسليته إذا حزن، وإلقاء السكينة في قلبه إذا خاف، وإيقاظه للصلاة إذا نام عنها، وإيعاد صاحبه بالخير، وحضِّه على التصديق بالوعد، وتحذيره من الرُّكون إلى الدُّنيا، وتقصير أمله، وترغيبه فيما عند الله، فهو أنيسُه في الوحدة، ووليُّه، ومعلِّمه، ومثبّتُه، ومسكِّن جَأْشِه، ومرغِّبه في الخير، ومُحذّره من الشرِّ، يستغفر له إن أَساء، ويدعو له بالثبات إن أحسن، وإن بات طاهرًا يذكر الله؛ بات معه في شعاره، فإن