للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غلبه الجهلُ حتى يميتَه، ويُهْلِكَه.

وقال رجلٌ للحسن (١): يا أبا سعيد أشكو إليك قسوة قلبي! قال: أذِبْه بالذِّكر.

وأبعدُ القلوب من الله القلبُ القاسي، ولا يُذهبُ قساوته إلا حبٌّ مقلقٌ، أو خوفٌ مزعج.

فإن قيل: ما السبب الذي لأجله يلتذُّ المحبُّ بحبّه، وإنْ لم يظفر بحبه؟

قيل: الحبُّ يُوجب حركة النفس، وشدَّة طلبها، والنفسُ خُلقت متحركة بالطَّبع، كحركة النار، فالحبُّ حركتُها الطبيعيةُ، فكلُّ من أحبَّ شيئًا من الأشياء؛ وجد في حبه لذَّة وروحًا، فإذا خلا عن الحُبِّ مطلقًا تعطَّلت النفسُ عن حركتها، وثَقُلت، وكسِلتْ، وفارقها خفةُ النشاط.

ولهذا تجد الكُسالى أكثر الناس همًّا، وغمًّا، وحزنًا، ليس لهم فرحٌ، ولا سرورٌ، بخلاف أرباب النَّشاط، والجدِّ في العمل أيِّ عمل كان، فإن كان النشاطُ في عملٍ هم عالمون بحسن عواقبه، وحلاوة غايته؛ كان التذاذُهم بحبِّه، ونشاطُهم فيه أقوى. وبالله التوفيق.


(١) أخرجه الخرائطي (ص ٥٥)، وابن الجوزي (ص ٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>