للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ تقطَّع حبلُ الوصلِ يومئذٍ ... فللمُحبِّين حبْلٌ غيرُ منقطع

فصل

ومنها: حبُّ الوحدة، والأنس بالخلوة، والتفرُّد عن الناس، وكأنَّ المحبة قد ثبتت على ذلك، فلا شيء أحلى للمحبِّ الصادق من خلوته، وتفرُّده، [١٠٥ ب] فإنَّه إن ظفر بمحبوبه أحبَّ خلوته به، وكره من يدخلُ بينهما غاية الكراهة.

ولهذا السرِّ ــ والله أعلم ــ أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بردِّ المارّ بين يدي المُصلِّي حتى أمر بقتاله، وأخبرَ أنَّه لو يدري ما عليه من الإثم؛ لكان وقوفُه أربعين خيرًا له من مروره بين يديه (١). ولا يجدُ ألم المرور وشدَّته إلا قلب حاضرٌ بين يدي محبوبه، مقبلٌ عليه، قد ارتفعت الأغيار بينه وبينه، فمرورُ المارِّ بينه وبين ربِّه بمنزلة دخول البغيض بين المحب ومحبوبه، وهذا أمرٌ الحاكم فيه الذوق، ولا يُنكره.

وقال ابن مسعود: مرور المارِّ بين يدي المُصلِّي يُذهب نصف أجره، ذكره الإمام أحمد.

وأيضًا فإنَّ المحب يستأْنس بذكر محبوبه، وكونه في قلبه لا يُفارقه،


(١) أخرجه البخاري (٥١٠)، ومسلم (٥٠٧) من حديث أبي جهيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>