للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وهذا حديثٌ باطلٌ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطعًا، لا يُشْبِهُ كلامه، وقد صحَّ عنه: أنَّه عَدَّ الشهداء ستة، فلم يذكر فيهم قتيل العِشْق، ولا يُمكن أن يكون كلُّ قتيل بالعشق شهيدًا، فإنَّه قد يعشق عشقًا يستحقُّ عليه العقوبة. وقد أنكر حُفَّاظ الإسلام هذا الحديث على سُوَيد، وقد تكلَّم الناسُ فيه، فقال ابنُ المديني: ليس بشيء، والضريرُ إذا كان عنده كتبٌ، فهو عيب شديد. وقال يعقوب بن شيبة: صدوقٌ مضطربُ الحفظ، ولاسيَّما بعدما عميَ، وقال البخاريُّ: كان قد عميَ فتلقَّن ما ليس من حديثه. وقال أبو أحمد الجرجاني: هذا الحديث أحد ما أُنكر على سُويد (١)، وأنكره البيهقيُّ، وأبو الفضل بن طاهر، وأبو الفرج بن الجوزي، وأدخله في كتابه «الموضوعات» (٢).

ولمَّا رواه أبو بكر بن الأزرق عن [٦٨ ب] سُويد عاتبه عليه ابن المرْزُبان، فأسقط ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - منه. فكان سويدٌ إذا سُئل عنه؛ لا يرفعه، وهذا أحسنُ أحواله أن يكون موقوفًا؛ وكذلك رواه أبو محمد بن


(١) انظر: ترجمة سويد وأقوال النقاد فيه في «تهذيب التهذيب» (٤/ ٢٧٢ - ٢٧٥).
(٢) لم أجده في «الموضوعات». وقد رواه في «العلل المتناهية» (٢/ ٢٨٥ - ٢٨٦) وقال: هذا حديث لا يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ثم بيَّن علله. وانظر الكلام على الحديث عند المؤلف في «زاد المعاد» (٢/ ٢٥٢ - ٢٥٣)، و «الجواب الكافي» (أو) «الداء والدواء» (ص ٣٥٣ - ٣٥٤)، و «المنار المنيف» (ص ١٤٠). وانظر: «تلخيص الحبير» (٢/ ١٤٢)، و «المقاصد الحسنة» (ص ٤١٩)، و «السلسلة الضعيفة» (٤٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>