للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمقصود أنه لم يَرَ النظرَ إلى معشوقه ولا عِشْقَه حرامًا. وجرى على هذا المذهب أبو محمد بن حَزْم في كتاب «طوق الحمامة» له. قالوا: ونحن نحاكمُكم إلى واحدٍ يُعدّ بآلافٍ مؤلَّفةٍ، وهو شيخ الإسلام ابن تيمية فإنَّه سُئل (١):

ما تقول السَّادة الفقهاء رضي الله عنهم في رجل عاشقٍ في صورةٍ، وهي مُصِرَّةٌ على هجره منذ زمنٍ طويل، لا تزيده إلا بُعدًا، ولا يزداد لها إلا حُبًّا، وعشقُه لهذه الصُّورة من غير فسقٍ ولا خَنَا، ولا هو ممَّن يُدَنِّسُ عشقه بزنى، وقد أفْضى به الحالُ إلى الهلاكِ لا مَحالة؛ إن بقي مع محبوبه على هذه الحالة، فهل يَحِلّ لمن هذه حالُهُ أن يُهْجَرَ؟ وهل يجبُ وِصَالُه على المحبوب (٢) المذكور؟ وهل يأثم ببقائه على هجره؟ وماذا يجبُ من تفاصيل أمرهما؟ وما لكلِّ واحدٍ منهما على الآخر من الحقوق ممَّا يُوافقُ الشرعَ؟

فأجاب بخطِّه بجوابٍ طويل، قال في أثنائه: فالعاشقُ له ثلاثُ مقامات: ابتداءٌ، وتوسُّطٌ، ونهاية، أمَّا ابتداؤه فواجبٌ عليه فيه (٣) كتمانُ ذلك، وعدمُ إفشائه للخلق، مراعيًا في ذلك شرائط الفُتوَّة من العفَّة مع


(١) نشرت هذه الفتيا بتمامها في «جامع المسائل» (١/ ١٧٥ - ١٨٦)، وسيأتي مناقشة المؤلف لها وبيان أنها لا تصح لشيخ الإسلام.
(٢) «على المحبوب» ساقطة من ت.
(٣) «فيه» ساقطة من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>