للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حبُّ الله، وحبُّ ذكرِه، وكلامِهِ، وأسمائِهِ، وصفاته، وأقبلتَ على غيره، وأعرضت عنه، وتعوَّضت بحبِّ مَنْ سواه والرغبة فيه منه.

هذا وقد سمعتَ ما قصَّ عليك من إنكاره سبحانه على بني إسرائيل استبدالَهم طعامًا بطعام أدنى منه، فذمَّهم على ذلك، ونعاه عليهم، وقال: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} [البقرة/٦١] فكيف بمن استبدلَ بمحبة خالقه، وفاطره، ووليِّه ومالكِ أمره؛ الذي لا صلاحَ له، ولا فلاحَ، ولا نعيم، ولا سرور، ولا فرحة، ولا نجاة إلا بأن يوحِّدَه في الحبِّ، ويكونَ أحبَّ إليه ممَّا سواه، فانظر بالله بِمَن استبدلتَ؟ وبمحبَّة من تعوَّضت؟ رضيت لنفسك بالحَبْس في الحشِّ، وقلوبُ مُحبِّيه تجولُ حولَ العرش. فلو أقبلتَ عليه، وأعرضت عمَّا سواه؛ لرأيتَ العجائب، ولأمِنْتَ من المتالفِ والمعاطب، أوَ ما علمتَ أنَّه خصَّ بالفوز والنعيم من أتاه بقلبٍ سليم، أي سليم مما سواه، ليس فيه غير حبّه واتباع رضاه. قالت: وبين ذنبي وذنبك عند الناس كما بين عَمَايَ وعَمَاكَ في القياس. وقد قال مَنْ بيده أزِمَّةُ الأمور: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج/٤٦].

فصل

فلمَّا سمعت الكبدُ تحاوُرَهما الكلام، وتناوُلَهما الخِصامَ؛ قالت: أنتما على هلاكي تَسَاعَدْتُما، وعلى قتلي تعاونتما. ولقد أنصفَ مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>