للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا بعثتَ برائدٍ نحوَ الذي ... تهْوى وتَعْتِبُه ظلمتَ الرَّائدَا

فأنت الملكُ المطاع، ونحن الجنودُ والأتباع، أركبتني في حاجتك خيلَ البريد، ثم أقبلتَ عليَّ بالتَّهديد والوعيد. فلو أمرتني أن أُغلقَ عليَّ بابي، وأُرخيَ عليَّ حجابي؛ لسمعتُ، وأطعتُ، ولَمَا رَعَيْت في الحِمى ورتعت؛ أرسلتني لصيدٍ قد نُصِبَت لك حبائلُه، وأشراكُه، واستدارت حولَك فِخَاخُه، وشبَاكُه، فغدوتَ أسيرًا بعد أن كنتَ أميرًا، وأصبحت مملوكًا بعدأن كنت مليكًا.

هذا، وقد حكم لي عليك سَيِّدُ الأنام، وأعدلُ الحكَّام ــ عليه الصَّلاةُ والسَّلام ــ حيث يقول: «إنَّ في الجَسدِ مُضْغَةً إذا صلحَتْ؛ صلُحَ لها سائِرُ الجَسَدِ، وإذا فَسَدتْ؛ فسَدَ لها سَائِرُ الجَسَدِ، ألا وهِي القلبُ» (١).

وقال أبو هريرة رضي الله عنه: القلبُ مَلِكٌ، والأعضاءُ جنودُه، فإن طابَ الملِكُ؛ طابتْ جنوده، وإن (٢) خبُثَ الملك؛ خبثتْ جنودُه.

ولو أنعمتَ النظرَ لعلمتَ أنَّ فسادَ رعيتك بفسادِك، وبقاءَها (٣) وصلاحَها ورشدَها برشادِك، ولكنَّكَ هلكتَ، وأهلكتَ رعيَّتك، [٤٢ أ] وحمَلت على العين الضَّعيفة خطيئتك، وأصلُ بليَّتِكَ أنَّه قد خلا منك


(١) أخرجه البخاري (٥٢، ٢٠٥١)، ومسلم (١٥٩٩) من حديث النعمان بن بشير.
(٢) ش: «وإذا».
(٣) «وبقاءها» ساقطة من ش.

<<  <  ج: ص:  >  >>