وتلك اللَّذَّة أجلبُ شيءٍ للهُموم والغُموم عاجلًا وآجلًا، ففي لذَّة ذكر الله، والإقبال عليه، والصلاة بالقلب والبدن من المنفعة الشَّريفة العظيمة، السَّالمة عن المفاسد الدَّافعة للمضارِّ: غنىً وعِوَضٌ للإنسان
ــ الذي هو إنسانٌ ــ عن تلك اللَّذَّة النَّاقصة القاصرة المانعة لما هو أكملُ منها، الجالبة لألمٍ أعظم منها.
فصل
ومن أسباب السُّكْر حبُّ الصُّوَر، فإنَّه إذا استحكم الحبُّ، وقوِيَ؛ أسكر المُحِبَّ، وأشعارُهم بذلك مشهورةٌ كثيرةٌ، ولاسيَّما إذا اتَّصلَ الجماعُ بذلك الحُبِّ، فإنَّ صاحبه ينقصُ تمييزه، أو يعدمُ في تلك الحالة، بحيث لا يميِّز، فإن انضاف ذلك السُّكر إلى سُكْر الشراب، بحيث يجتمعُ عليه سُكْرُ الهوى، وسُكْرُ الخمر، وسُكْرُ لذَّة الجِماع؛ فذلك غاية السُّكْر. ومنه ما يكون سببُه حبَّ المال، والرِّئاسة، وقوَّة الغضب، فإنَّ الغضب إذا قَوِيَ أوجبَ سكرًا يقرُب مِنْ سُكْرِ الخمر.
ويدخل ذلك في الإغلاق الذي أبطل النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وقوع الطلاق فيه بقوله:«لا طلاق في إغْلاق» رواه أبو داود (١)، وقال: أظنُّه الغضب.
(١) رقم (٢١٩٣). وأخرجه أيضًا أحمد (٦/ ٢٧٦)، وابن ماجه (٢٠٤٦)، وهو حديث حسن، انظر: «تلخيص الحبير» (٣/ ٢١٠).