للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الآخر (١):

ما هو إلَاّ أن يراها فجاءةً ... فتصطكَّ رجلاه ويسقط للجنب

وربما اضطرب عند سماع اسمه فجأَةً، كما قال (٢): [١٠٢ ب]

وداعٍ دعا إذْ نحنُ بالخيف من منى ... فهيَّج أشجان الفؤادِ وما يدري

دعا باسم ليلى غيرها فكأنَّما ... أطار بليلى طائرًا كان في صدري

وقد اخْتُلف في سبب هذه الرَّوعة، والفزع، والاضطراب، فقيل: سببه أن للمحبوب سلطانًا على قلب مُحبِّه أعظم من سلطان الرعيَّة، فإذا رآه فجْأةً راعه ذلك، كما يرتاع من يرى من يعظِّمه فجأَة، فإن القلب معظمٌ لمحبوبه، خاضعٌ له، والشخص إذا فجئه المعظَّم عنده؛ راعه ذلك.

وقيل: سببُه: انفراجُ القلب له، ومبادرته إلى تلقّيه، فيهرب الدم منه فيبرد، ويرعد، ويحدث الاصفرار والرِّعدةُ، وربما مات، وبالجملة فهذا أمرٌ ذوقيٌّ وجدانيٌّ، وإن لم يعرفْ سببه.

فصل

ومنها: غيرتُه لمحبوبه وعلى محبوبه، فالغيرة له: أن يكره ما يكرهُ،


(١) البيت بلا نسبة في الزهرة (١/ ٧٩)، ومصارع العشاق (١/ ٢٩٢)، ووفيات الأعيان (٤/ ٣١٧).
(٢) البيتان لمجنون ليلى في ديوانه (ص ١٦٢). وهناك التخريج وبيان اختلاف النسبة. والشعر مع خبر في اعتلال القلوب (ص ٣٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>