هذا موضعٌ انقسم الناس فيه قسمين، وربما كان للشخص الواحد فيه مجموع الحالتين. فقسمٌ مدحوا العشق، وتمنَّوْه، ورغبوا فيه، وزعموا أن من لم يذُق طعمه؛ لم يذقْ طعم العيش. قالوا: وقد تبيَّن أنَّ كمالَ اللذَّة تابعٌ لكمال الحبِّ، فأعظمُ الناس لذَّةً بالشيء أكثرُهم محبةً له، وقد تقدم تقريرُه.
[٦٤ أ] قالوا: وقد حبَّبَ الله سبحانه وتعالى إلى رُسُله وأنبيائه نساءهم وسراريهم، فكان آدم أبو البشر شديد المحبة لحواء، وقد أخبر الله سبحانه وتعالى: أنه خلق زوجته منه؛ ليسكن إليها. قالوا: وحبُّه لها هو الذي حمله على موافقتها في الأكل من الشجرة.
قالوا: وأوَّلُ حبٍّ كان في هذا العالم حبُّ آدم لحوَّاء، وصار ذلك سنةً في ولده في المحبَّة بين الزَّوجين. قالوا: وهذا داود من محبَّته للنساء جمع بين مئة امرأةٍ، وكذلك ابنُه سليمان.
قالوا: وقد عاب اليهودُ ـ عليهم لعائن الله ـ النبي - صلى الله عليه وسلم - بحبه النساء وكثرة تزوُّجه، فأنزل الله سبحانه وتعالى ذبًّا عن رسوله - صلى الله عليه وسلم - وإخبارًا بأن ذلك من فضله، ونعمه عليه: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا