للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباب الرابع عشر

فيمنْ مدح العِشْقَ وتمنَّاه، وَغَبَطَ صاحبَه

على ما أُوتِيَهُ مِنْ مُناه

هذا موضعٌ انقسم الناس فيه قسمين، وربما كان للشخص الواحد فيه مجموع الحالتين. فقسمٌ مدحوا العشق، وتمنَّوْه، ورغبوا فيه، وزعموا أن من لم يذُق طعمه؛ لم يذقْ طعم العيش. قالوا: وقد تبيَّن أنَّ كمالَ اللذَّة تابعٌ لكمال الحبِّ، فأعظمُ الناس لذَّةً بالشيء أكثرُهم محبةً له، وقد تقدم تقريرُه.

[٦٤ أ] قالوا: وقد حبَّبَ الله سبحانه وتعالى إلى رُسُله وأنبيائه نساءهم وسراريهم، فكان آدم أبو البشر شديد المحبة لحواء، وقد أخبر الله سبحانه وتعالى: أنه خلق زوجته منه؛ ليسكن إليها. قالوا: وحبُّه لها هو الذي حمله على موافقتها في الأكل من الشجرة.

قالوا: وأوَّلُ حبٍّ كان في هذا العالم حبُّ آدم لحوَّاء، وصار ذلك سنةً في ولده في المحبَّة بين الزَّوجين. قالوا: وهذا داود من محبَّته للنساء جمع بين مئة امرأةٍ، وكذلك ابنُه سليمان.

قالوا: وقد عاب اليهودُ ـ عليهم لعائن الله ـ النبي - صلى الله عليه وسلم - بحبه النساء وكثرة تزوُّجه، فأنزل الله سبحانه وتعالى ذبًّا عن رسوله - صلى الله عليه وسلم - وإخبارًا بأن ذلك من فضله، ونعمه عليه: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>