دعوتُ ربِّي دعاءً فاستجاب له ... كما دَعا ربَّهُ نوحٌ وأيُّوبُ
أن يَنْزعَ الدَّاءَ مِنْ صَدْري ويَجْعَلَهُ ... في صَدْر سلْمى وحمْلُ الدَّاء تعطيب
أو يَشْفِ قلبي سريعًا من صبابته ... فلا أحِنُّ إذا حنَّ المَطاريبُ
قالوا: وكم أكبَّتْ فتنةُ العِشْق رؤُوسًا على مناخرها في الجحيم، وأسلمتهم إلى مقاساة العذاب الأليم، وجرَّعتهم بين أطباق النَّار كؤوس الحميم، وكم أخرجت مَنْ شاء الله من العلم والدِّين، كخروج الشعرة من العجين، وكم أزالتْ من نِعْمَةٍ، وأحلَّتْ منْ نقْمَة، وكم أنزلت من مَعْقِل عزّه عزيزًا، فإذا هو من الأذلِّين ذليلًا، ووضعتْ منْ شريفٍ رفيع القَدْرِ والمَنْصب، فإذا هو في أسفل السَّافلين، وكم كشفت منْ عورة، وأحدثت منْ رَوْعةٍ، وأعقبت منْ ألمٍ، وأحلَّت منْ ندمٍ، وكم أضرمت [٧١ ب] منْ نارِ حسراتٍ احترقت فيها الأكباد، وأذهبت قدْرًا كان للعبد عند الله وفي قلوب العباد، وكم جلبت منْ جهْد البلاء، ودَرْك الشَّقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء، فقلَّ أن يُفارقها زوالُ نعمةٍ، أو فجاءةُ نقمةٍ، أو تحويلُ عافيةٍ، أو طُروقُ بليَّةٍ، أو حدوث رَزِيَّة، فلو سألت النِّعَمَ: ما الذي أزالك؟ والنِّقَمَ: ما الذي أدالكِ؟ والهمومَ والأحزان: ما الذي جلبك؟ والعافية: ما الذي أبعدك، وجَنَّبَك؟ والسِّتْر: ما الذي