للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُذُنٌ سمعتْ، ولا خطر [٥٩ ب] على قلب بشرٍ، بَلْه ما اطَّلَعْتُمْ عليه» (١) أي: غير ما اطلعتم عليه، وهذا هو الذي قصده النَّاصحُ لقومه، الشفيقُ عليهم؛ حيث قال: {يَاقَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (٣٨) يَاقَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} [غافر/ ٣٨ ــ ٣٩] فأخبرهم أنَّ الدُّنيا متاعٌ يُتَمتعُ بها إلى غيرها، والآخرة هي المستقرُّ والغاية.

فصل

وإذا عُرِفَ (٢) أنَّ لَذّاتِ الدنيا ونعيمها متاعٌ، ووسيلةٌ إلى لَذَّات الدَّار الآخرة، ولذلك خُلقت، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الدُّنيا مَتَاعٌ، وخَيْرُ مَتاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ» (٣) = فكلُّ لذَّة أعانتْ على لَذَّات الدار الآخرة؛ فهي محبوبةٌ مَرْضِيَّةٌ للرَّب تعالى، فصاحبُها يلتذُّ بها من وجهين: من جهة تنعُّمه وقُرَّة عينه بها، ومن جهة إيصالها له إلى مرضاة ربِّه، وإفضائها إلى لذَّةٍ أكمل منها، فهذه هي اللذَّة التي ينبغي للعاقل أن يسعى في تحصيلها، لا اللذَّة التي تُعْقِبُهُ غايةَ الألم، وتفوِّتُ عليه أعظمَ اللذَّات.


(١) أخرجه البخاري (٣٢٤٤، ٤٧٧٩، ٧٤٩٨)، ومسلم (٢٨٢٤) من حديث أبي هريرة.
(٢) ت: «عرفت».
(٣) أخرجه مسلم (١٤٦٧) من حديث عبد الله بن عمرو.

<<  <  ج: ص:  >  >>