للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباب السادس والعشرون في ترك المحبين أدنى المحبوبَينِ رغبةً في أعلاهما

هذا بابٌ لا يدخل فيه إلَّا النفوس الفاضلة الشريفة الأبيةُ؛ التي لا تقنع بالدون، ولا تبيع الأعلى بالأدنى بيع العاجز المغبون، ولا يملكها لطخ جمالٍ مُغَشًّى على أنواع من القبائح، كما قال بعض الأعراب وقد نظر إلى امرأةٍ مبرقعة (١):

إذا بارك الله في ملبسٍ ... فلا بارك الله في البرقع

يُريك عيون المها حسرةً ... ويكشف عن منظر أشنع

وقال آخر (٢):

لا يغرَّنك ما ترى من نقابٍ ... إن تحت النِّقاب داءً دويَّا

فالنفس الأبيةُ لا ترضى بالدُّون. وقد عاب الله سبحانه أقوامًا استبدلوا طعامًا بطعام أدنى منه، فنعى ذلك عليهم، وقال: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} [البقرة/ ٦١]، وذلك دليلٌ


(١) البيتان في العقد الفريد (٦/ ٤١٢) ضمن خبر طويل.
(٢) أصل هذا البيت (برواية «من أناس» و «تحت الضلوع») لسديف بن ميمون في عيون الأخبار (١/ ٢٠٨)، والشعر والشعراء (٢/ ٧٦١)، والكامل للمبرد (٣/ ١٣٦٦)، وطبقات الشعراء لابن المعتز (ص ٤٠)، والأغاني (٤/ ٣٤٨)، والعقد (٤/ ٤٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>