وَدِدْتُ بأن الحبَّ يُجمعُ كلُّه ... فيُقذفُ في قلبي وينغلقُ الصدرُ
فلا ينقضي ما في فُؤادي من الهوى ... ومنْ فرحي بالحبِّ أو ينقضي العُمْرُ
فقلت: يا فتى! أما لهذه البنيَّة حُرمةٌ تمنعُك من هذا الكلام؟ فقال: بلى والله! ولكن الحبَّ ملأ قلبي بفرح التَّذَكُّر، ففاضت الفكرةُ في سرعة الأوبة إلى من لا يشذُّ عنه معرفةُ ما بي، فتمنَّيتُ المُنى. والله ما يسُرُّني ما بقلبي منه ما فيه أميرُ المؤمنين من المُلك [٦٧ ب]، وإنِّي أدعو الله أن يُثبته في قلبي عمري، ويجعله ضجيعي في قبري، دريْتُ به، أو لم أدر! هذا دعائي. وانصرف من جهتي، ثم بكى، فقلتُ: ما يُبكيك؟ قال: خوف ألَاّ يُستجاب دعائي، وله قصدت، وفيه رغبت مما يعطي الله سائر خلقه. ثم مضى.
قالت هذه الفرقة: وغايةُ ما يقدَّر في أمر العشق: أنَّه يقتُل صاحبَه، كما هو معروف عن جماعة من العُشَّاق، فقد قال سُوَيْدُ بن سعيد الحَدَثاني: حدَّثنا عليُّ بن مُسْهِر عن أبي يحيى القَتّات، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال:«من عَشِقَ فكَتَم، وعفَّ، وصبر، فمات؛ فهُو شهيدٌ»(١) رواه عن سُويدٍ جماعةٌ.