للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسَدَّ إلى الجنة جميعَ الطرق، فلم يَفتَحْ لأحدٍ إلا من طريقه. فلا مَطمَعَ في الفوز بجزيل الثواب، والنجاةِ من وَبيل العقاب إلا لمن كان خلفه من السالكين، ولا يُؤمِنُ عبدٌ حتى يكونَ أحبَّ إليه من نفسه وولدِه ووالدِه والناسِ أجمعين (١).

فصلَّى الله وملائكتُه وأنبياؤُه ورسلُه وجميعُ عباده المؤمنين عليه، كما وحَّد الله، وعرَّف أمتَه به، [٢ ب] ودعا إليه، صلاةً لا تَرُومُ عنه انتقالًا ولا تحويلًا، وعَلَى آلِه الطيبين، وصحبه (٢) الطاهرين، وسلّم تسليمًا كثيرًا.

أما بعدُ، فإن الله ــ جلَّ ثناؤُه، وتقدَّستْ أسماؤُه ــ جعل هذه القلوبَ أوعيةً، فخيرُها أوعاها للخير والرشاد، وشرُّها أوعاها للغَيِّ والفساد، وسلَّط عليها الهوى، وامتحنها بمخالفته لتنالَ بمخالفته جنَّةَ المأوى، ويستحقَّ من لا يَصْلُحُ للجنة بمتابعته نارًا تلظَّى، وجعله مَرْكَبَ النفسِ الأمارة بالسوء وقُوتَهَا وغذاءها، وداءَ النفس المطمئنة ومخالفتَه دَواءَها، ثم أوجب سبحانه على العبد في هذه المدة القصيرة ــ التي هي بالإضافة إلى الآخرة كساعةٍ من نهار، أو كبَلَلٍ ينالُ الإصبعَ حين يُدخِلها في بحرٍ من البحار (٣) ـ عصيانَ النفس الأمارة، ومجانبةَ هواها، ورَدَعَها عن (٤)


(١) يشير إلى الحديث الذي أخرجه البخاري (١٥) ومسلم (٤٤) عن أنس بن مالك.
(٢) «وصحبه» ساقطة من ت.
(٣) كما في الحديث الذي أخرجه مسلم (٢٨٥٨) عن المستورد بن شداد.
(٤) ش: «من».

<<  <  ج: ص:  >  >>