بلغني: أنَّ أخوين تعانقا، فقال: أحدهما: واشوقاه! وقال الآخر: واوجداه!
وكانت عجوزٌ لها غائبٌ، فقدم من السَّفر، فأظهر أهلُها الفرحَ والسُّرورَ به، فجعلت تبكي، فقيل لها: ماهذا البكاء؟ فقالت: ذكَّرني قدومُ هذا الفتى يوم القدوم على الله.
وقال بعض المحبِّين: قلوبُ المشتاقين منوَّرةٌ بنور الله، فإذا تحرَّك اشتياقهم؛ أضاء النُّورُ مابين السماء والأرض، فيعرضهم الله ــ سبحانه وتعالى ــ على الملائكة، فيقول: هؤلاء المشتاقون إليَّ، أشهدكم [١٦٧ ب] أنِّي إليهم أشوق!
فصل
قال ابن أبي الحواري (١) ــ رحمه الله ــ: سئل أبو سليمان الدَّارني
ــ رحمه الله، وأنا حاضرٌ ــ: ما أقربُ ما يُتقرَّب به إلى الله ــ عزَّ وجلَّ ــ؟ فبكى، ثمَّ قال: مثلي يُسْأل عن هذا؟ أقربُ ما يُتَقرَّب به إليه: أن يطَّلع على قلبك وأنت لا تريد من الدُّنيا والآخرة إلَّا هو.
وقال يحيى بن معاذ: النُّسكُ: هو العناية بالسَّرائر، وإخراج ما سوى الله من القلب.