للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالت: إذًا أكون منسلخةً من ديني إنْ كنتُ ارتكبت عظيمًا، ثم أُتبعه بالكذب.

وقال العُتْبيُّ (١): خرجت إلى المِرْبَد فإذا بأعرابيٍّ غَزِلٍ، فمِلْت إليه، فذكرتُ النِّساء، فتنفَّس ثم قال: يا ابن أخي! إنَّ منْ كلامهنَّ لما يقوم مقام الماء، فيشفي من الظمأ. فقلت: صف لي نساءكم، فقال: نساء الحي تريد؟ قلت: نعم! فأنشأ يقول:

رُجْحٌ ولَسْنَ منَ اللَّواتي بالضُّحى ... لِذيُولهنَّ على الطريق غبارُ

يأنسن عند بُعولهن إذا خلوا ... وإذا هُم خَرجُوا فهنَّ خِفارُ

قال العُتْبيُّ: فأخبرت به أبي، قال: تدري من أين أخذ قوله: وإنَّ من كلامهنَّ ما يقوم مقام الماء، فيشفي من الظمأ؟ قلت: لا، قال: من قول القطاميِّ (٢):

يقْتُلْننا بحديثٍ ليس يعلَمُه ... منْ يَتَّقينَ ولا مكنونُه بادِ

فهنَّ يُبدينَ من قولٍ يُصِبْنَ به ... مواقع الماء من ذي الغُلَّة الصَّادي

وهذه الطَّائفةُ لِعفَّتهم أسبابٌ، أقواها: إجلال الجبَّار، ثُمَّ الرَّغبةُ في الحور الحسان في دار القرار، فإن من صرف استمتاعه في هذه الدار إلى ما حرَّم الله عليه؛ منعه من الاستمتاع بالحور الحسان هناك، كما قال


(١) أخرج عنه الخرائطي (ص ٩٤ - ٩٥). والبيتان للفرزدق في ديوانه (١/ ٥٩٩).
(٢) في ديوانه (ص ٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>