للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفرحهم فيها بغير الحق، ومرحهم، وذلك مثل لذَّة الذين اتَّخذوا من دون [٦١ أ] الله أولياء يُحِبُّونهم كحبِّ الله، فنالوا بهم مودّةَ بَيْنِهمْ في الحياة الدُّنيا، ثم استحالت تلك اللذَّة أعظمَ ألمٍ وأمرَّه.

ومن ذلك لذَّةُ العقائد الفاسدة، والفرحُ بها، ولذَّةُ غلبة أهل الجور، والظلم، والعدوان، والزِّنى، والسرقة، وشرب المسكرات؛ وقد أخبر الله ــ سبحانه وتعالى ــ: أنَّه لم يُمكِّنهم من ذلك لخيرٍ يريده بهم، إنَّما هو استدراج منه ليُنِيلَهم به أعظم الألم، قال الله تعالى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ} [المؤمنون/ ٥٥ ــ ٥٦] وقال تعالى: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ} [التوبة/ ٥٥].

فصل

وأمَّا اللذَّة التي لا تُعقب ألمًا في دار القرار، ولا تُوصل إلى لذَّةٍ هناك؛ فهي لذَّةٌ باطلةٌ؛ إذ لا منفعة فيها ولا مضرَّة، وزمنُها يسيرٌ، ليس لتمتُّع النفس بها قدر، وهي لابد أن تشغل عما هو خيرٌ وأنفعُ منها في العاجلة والآجلة؛ وإن لم تشغل عن أصل اللذَّة في الآخرة، وهذا القسم هو الذي عناه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «كلُّ لهْوٍ يِلْهُو به الرَّجُل فهو باطِلٌ إلا رَمْيَهُ بقوسهِ، وتَأْدِيبَهُ فرَسَهُ، ومُلاعبَتَهُ أهْلَهُ؛ فإنَّهُنَّ من الحَقِّ» رواه مسلم (١).


(١) الذي أخرجه مسلم (١٩١٨) من حديث عقبة بن عامر بلفظ: «ستفتح عليكم أرضون، ويكفيكم الله، فلا يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه». والحديث الذي ذكره المؤلف أخرجه أحمد (٤/ ١٤٤)، وأبو داود (٢٥١٣)، والترمذي (١٦٣٧)، والنسائي (٦/ ٢٨، ٢٢٢ - ٢٢٣)، وابن ماجه (٢٨١١) من حديث عقبة بن عامر، وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>