للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى ربِّهم، أنه سبحانه يسألهم عن عباده ــ وهو أعلم بهم ــ فيقولون: «إنهم يُسبِّحونكَ، ويُمجِّدونك (١)، ويقدّسونك، فيقول: وهل رأوني؟ فيقولون: لا، فيقول: فكيف لو رأوني؟ فتقولُ الملائكة: لو رأوك لكانوا أشدَّ تسبيحًا وتقديسًا وتمجيدًا، ثم يقولون: ويسألونك الجنَّة، فيقولُ: وهل رأوها؟ فيقولون: لا، فيقولُ: فكيف لو رأوها؟ فتقولُ الملائكة: لو رأوها لكانوا أشدَّ لها طلبًا» وذكر الحديث.

ومعلومٌ: أنَّ محبةَ من ذاق الشيء الملائمَ وعَدِمَ صَبْرَه عنه أقوى من محبة من لم يَذُقْهُ، بل نفسه مفطومة (٢) عنه، والمودَّةُ التي بين الزوجين والمحبةُ بعد الْجماع أعظمُ من التي كانت قبله.

والسببُ الطبيعي أنَّ شهوةَ القلب ممتزجةٌ بلذَّة العين، فإذا رأتِ العينُ اشتهى القلبُ، فإذا باشر الجسمُ الجسمَ؛ اجتمعَ [٣١ ب] شهوةُ القلب ولذَّة العين ولذة المباشرة، فإذا فارق هذه الحال كان نِزَاعُ نفسه إليها أشدَّ، وشوقُه إليها أعظمَ، كما قيل (٣):


(١) ش: «ويحمدونك».
(٢) ت: «منطوية».
(٣) البيت لإسحاق بن إبراهيم الموصلي في «الموشح» (ص ٢٧١)، و «معجم الأدباء» (٢/ ٦٠٥)، و «نهاية الأرب» (٣/ ٨٨)، و «بغية الطلب» (٢/ ٢٣٧). وقد غيَّر الشاعر لما عِيبَ عليه الشطر الأول وقال:
وكل مسافرٍ يزداد شوقًا ... =
= ... وهو بهذه الرواية في «عيون الأخبار» (١/ ١٤١)، و «أمالي القالي» (١/ ٥٥)، و «الأغاني» (٩/ ٣٨٥)، و «زهر الآداب» (١/ ٥١٠)، و «التمثيل والمحاضرة» (ص ٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>